بعث الوليد بن يزيد إلى أشعب بعد ما طلق امرأته، فقال: يا أشعب، لك عندي عشرة آلاف درهم على أن تبلغ رسالتي سعدة، فقال: أحضر العشرة آلاف درهم حتى أنظر إليها، فأحضرها الوليد، فوضعها أشعب على عنقه وقال: هات رسالتك، قال: قل لـها يقول لك أمير المؤمنين:
أسعدةُ هلْ إليكِ لنا سبيلٌ = وهلْ حتى القيامةِ من تلاقي
بلى ولعل دهراً أن يؤاتي = بموت من حليلِكِ أو طلاق
فأصبحَ شامِتاً وتقرَّ عيني = ويجمع شملنا بعد افتراق
فأتى أشعب الباب فأُخبرتْ بمكانه، فأمرت بفرش لـه. ففرشت وجلست وأذنت لـه فلما دخل أنشدها ما أمره، فقالت لخدمها: خذوا الفاسق! فقال: يا سيدتي إنها بعشرة آلاف درهم. قالت: واللـه لأقتلنك أو تبلغه كما بلغتني، قال: وما تهبين لي؟ قالت: بساطي الذي تحتي، قال: قومي عنه، فقامت فطواه وجعلـه إلى جانبه، ثم قال: هات رسالتك جعلت فداك، قالت: قل لـه:
أتبكي على لبنى وأنت تركتها = فقد ذهبت لبنى فما أنت صانع
فأقبل أشعب فدخل على الوليد، فقال: هيه، فأنشده البيت، فقال: أوه قتلتني يا بن ......؟ ما أنا صانعٌ، فاختر أنت الآن ما أنت صانعٌ يا بن ......، إما أن أدلّيك على رأسك منكّساً في بئر أو أرمي بك منكّساً من فوق القصر أو أضرب رأسَك بعمودي هذا ضربةً، هذا الذي أنا صانعٌ، فاخترْ أنت الآن ما أنت صانعٌ، فقال أشعب : ما كنتَ لتفعلَ شيئاً من ذلك، قال: ولِمَ يا بن ......؟ قال: لم تكن لتعذبَ عينين نظرتا إلى سعدة. قال: أوّه! أفلتَّ واللـهِ بهذا يا بن ......؟ اخرج عني