طويلة كانت حرائق الحروب في زمن غلب عليه لون التفرد والطعن ولوعات الامهات , زمن كان الأب يخاف أن يتفوه في حضرة ولد له صغير كونها مُسيرة ولاخيار لها النفوس تعطي مايخالف أمنياتها فباتت مفردات تُقال لك في كل مناسبة مفرحة وسط جحيم يحاصر القلوب بأن يحقق لك الله كل أمانيك فكان توحد تلك الأماني في الآفاق زمن باتت فيه منابر الصدق أعوادا تمجد السلطان وأن لولا هذا السلطان لما رزق الله العباد حتى اللحظات الرومانسية بين الازواج فهو الكاسي والمانح و (مبلط ) الشوارع ومحيي الأرض البور لتُزرع قمحا تحدد كميته بقاء أو نفي الزارعين يُسقى الزرع بدعوات يتم إخراجها بأتقان نشاهدها غصبا كل حين على شاشة تلفاز عروضه واحدة ثابتة لاتغيير فيها مسيطر عليها تتكرر كثيرا في كل مناسبة ومابين كل مناسبة وأخرى هناك مناسبة والعرض هو ذاته كل حين . ملَّ زيدٌ من أن يكون هو الرقم الأوحد الذي يغطي عيوب أشباه الرجال فكل حرب وكل دورة فيها للسلاح حضور يُستدعى هو دوما وأبدا ملَ حفظ مواصفات البندقية الآلية كلانشكوف عيارها واحد لايتغير مرورا بالتفكيك والتركيب وأن أول ما يُفَكَّك هو آخر مايتم تركيبه حفظها عن ظهر قلب وبقي القذّاف واللقّاف ملازمين لنكات يطلقها وأصحابه هنا وهناك ولايميز بينهما دائما , ملَّ كل هذا وذات يوم نادى على أمه بعد أن أودع بسطاله وحذاء الرياضة وملابسه العتيقة البالية في كيس كبير وطلب منها ان ترسله إلى أقرب موقع للتدريب وان تُخبرهم بأنه سوف لم ولن يحضر أي دعوة منهم له للذهاب إلى السَوق أو التدريب , فذهبت العجوز ملبية طلب ولدها ووصلت إليهم وناولتهم الكيس وأخبرتهم بما كلفها بها ولدها الوحيد فقال لها كبيرهم : كيف يحصل هذا من ولدك زيد وهو الشجاع والمطيع فأين المبادئ والعقيدة التي تربى عليها فجاوبتهم بكل بساطة أنها داخل الكيس الكبير .