حوار مع الروائي العراقي سلام نوري- حاوره المذيعة المغربية جميلة طلباوي
لقاء مع الروائي العراقي سلام نوري حاوره جميله طلباوي
حوار مع الأديب سلام نوري
س1: هذا الأديب المبدع الذي يبدع في فنّ السرد و يتألّق في الشعر ، اسمه يجمع بين السلام و النور و هو في حرص دائم على تشجيع المبدعين و الأخذ بيدهم ، فمن هو ، نريد أن نتعرّف عليه أكثر فماذا تقول؟
= سلام نوري مثقف عراقي مغيب طوال زمن المخاضات العسيرة حين حصل واخترقت المألوف في نتاج خلف الكثير من الخوف في روحي يو م تجرأت وخضت تجربة اول عمل روائي يحكي عن معاناة المثقف العراقي واعني الدكج بين قتل البيئة والابداع معا فكنت اول من تجرأ ورسم حروف الانحدار الى تلك المساحات المائية وهي البيئة الطبيعية المسماة بالاهوار يوم جففها الطاغية واصبحت ارض بور فكانت روايتي الخروج الى الدوامة كلمة رفض تعتمد على شخصية دكتور محمد الذي ترك كلية الطب وارتحل يبحث عن بيئته الاولى الاهوار لانه رأى ذبابة في مختبره تهدد البشر والبيئة معا فانتقل
الى منفاه بعيدا عن احلام المدن الكونكريتية الى الفضاء المفتوح حيث الحرية لكن شبح الخوف يطارده وقد كان الماء اشبه بالمرايا التي تتشظى لتسنحيل شظايا مما ارقني حين قدمتها في طبعتها الاولى ورأيت التأويلات بدأ من العنوان الى المتن والثيمة فكتب عنها الكثير
فكان سلام نوري مزيج من الم يطفو على سطح متحرك يأخذه ذات اليمين والشمال والقيود والاصفاد تتراءى له في كل زاوية اطأها مخافة الوشاة..وأنا اعرف أن ثمة من يتربص او يتحين الاخطاء.. وأتذكر ان المقالات التي كتبت عن الخروج الى الدوامة قد ساعدتني طويلا في الخروج من المأزق الذي وضعت نفسي فيه فكنت مصابا بعقدة الورطة التي جابهت بطل روايتي وبقي سنة كاملا لايستطيع العودة او البقاء داخل الاهوار..ربما هي القراءات التي وضعتني تحت وصاية التأثير المباشر وصوت مظفر النواب يرن في اذني والوتريات كانت تعويذتي حتى في مسجل سيارتي وانا اطوف شوارع مدينتي
الصغيرة كسائق تكسي..
س2: سلام نوري كتبت الرواية و كتبت الشعر ، هل الأولى هي المستقرّ و الثاني صرخة كلّما ضاقت المعاني بالمأساة، أم كلاهما جزء من سلام و نوره في هذه الحياة ؟
= القصة سيدتي والرواية سبقت الشعر لكنني وبأعتراف كل الاصدقاء في مدينتي الضاجه بهوس الابداع ثمة من يشير الى لغتي الرطبه وقد رددها صديقي جمال الهاشمي وجمال جاسم امين ونصير الشيخ ومحمد عزيز وعلي سعدون وماجد الحسن كلهم اجمعوا ان منطوق الجمله عند سلام نوري يكون جمله شعرية سيما وان طريقة الكتابة في القصة او الرواية تعتمد الصورة التي تشكل الترميز او تبث على شكل شفرات والسبب واضح أن خطاب السلطة مهيمن والمباشرة كانت تشكل خصوصية من يركض وراء العطايا لذلك اكتنزت لغتنا واختارت جماليتها مذعنة مرغمة كي لاتقع في اتون المراقبة او الفهم من
هنا بدأت اولى خطوط كتابة القصيدة واعني النثر على وجه الخصوص..
س3: تقول في إحدى قصائدك:
قرأت في صحيفة اليوم
نبأ اغتيالي؟
مزقتني أشجار الألغام
تركتني كجذع اجرد
على قارعة الجراح..
أنيني .. يستدرج العصافير..
..الزمن مستباح ؟
هذه الصور الأليمة ألا ترى بأنّها قد تزيد من إحباط الإنسان الذي يتطلّع إلى حدوث الأمن و الأمان ، أليس هنالك مجال ليقول الشاعر فيك سينتهي الكابوس ، أم لا مفرّ الشعر ابن بيئته و واقعه؟
= نعم سيدتي في جعبتي الما مازال يؤرقني كمثقف محنتي انني حلمت لاغادر الوجع وعلى مدى التغيير ازداد حزني حتى اصبحت اهمس في حروفي والسبب اعلان العصيان امام من تجرأ وتنمر ليكون وصيا على واقع الثقافة الجديد بدل ان يوجدوا الحلول وجدنا انفسنا بلا غطاء شرعي طيب ماذا يمكن ان نعمل وانشطرت المؤسسات لتتناسل مخلفة جموع ليس لها علاقة لامن بعيد او قريب بل جعلت من تواجدها بديلا لاولئك الذين صنعوا اجنحة وهمية ليطيروا بها ساعة اشتداد اللغو وحصل ماحصل .. الشموس السخية ارتحلت الى ماوراء الافق والينابيع اندلقت فيها الدماء والندى صار بديلا للمطر
السخي والارض المجدبة قتلها الرحيل.لهذا لابد من ان تحتاط مخافة ان تستدرجك العصافير لاعشاشها وبالتالي تظهر انها ترتدي اقنعة الغربان..اين الحل برأيك الجواب في حبة اسبرين وسكون وصمت؟
س4:تقول في إحدى قصائدك:
وأنا الحالم بأحداقك حين تغيب شموسي
عن حدود الحب
لاشراقة يوم جديد
استعيد سعادتي
ها هو الحبّ حاضر و ها هي الكلمات التي تقطر عذوبة حاضرة رغم الواقع الصعب و رغم الألم ، إذن الغد سيكون أجمل؟
= بالتأكيد ولكن اين هو هذا الصباح والشيب لن يترك لنا زاوية من بقايا الروح الحالمة الا وغزاها ..اتعرفين ماقيمة الشيب ان يعلمنا الوقار والكف عن لعن الابالسة..
س5: الزمن الحافي رواية لك مشتركة مع الروائية العراقية صبيحة شبر عام 2007م و يقظة آرام رواية لك مشتركة مع الشاعرة السورية إباء اسماعيل ، حدّثنا عن هذه التجربة خاصة و أنّها كانت تجربة مع العنصر النسوي بكل ما تحمله المرأة من رؤى و وجهات نظر لبعض القضايا انطلاقا من كونها امرأة، فالي أيّ مدى يمكن أن تنجح التجربة ؟
= المرأة من وجهة نظري كائن سماوي جميل ولطالما حلمت ان اضوع بعطر امرأة مثقفة عالاقل لاعرف اين يكمن جمالها الحقيقي خصوصا والمرأة المثقفة الاديبة المبدعة.. التقيت صديقتي الغالية الروائية صبيحة شبر وهي امرأة غادرت العراق في السبعينات لتستقر في اخر محطات منافيها في المغرب.والتجربة طبعا كانت بعدما انفتح العراق عالعالم من خلال النت وتكنولوجيا الاتصالات المعروفة..والفرق واضح لكل من عاش مسورا الى فضاء الحرية وهذا واحد من اهم مكتسبات التغيير
العراقي مبتلى بالحكايات الغريبة التي تملأ مخيلته حتى تحس انها اقرب للاساطير لشدة وقعها..هنا اكتملت صورة المشهد واصبحت الثيمة المشتركة جاهزة وهي انعكاس للوجع الذي خلفته الحروب ومصادرة حرية الانسان.. نحن اذن ولدنا من صميم المعاناة رسمنا خطوط الزمن الحافي وتدور احداثها في غربة المنافي والالم داخل او خارج الوطن ولأننا كنا اعضاء منتدى الحكايا فقد بادر الاستاذ ايهم سليمان لاصدار الرواية على نفقته الخاصة من ملتقى الحكايا.. وكانت تجربة جميلة ورائعة اضافت لي الكثير.. اما يقظة ارام فهي مشروع رواية مشتركة مع الشاعرة السورية اباء اسماعيل
وقد انجزنا ثلثيها وبقي الفصل الاخير .عائما ولأن اباء تسكن متشيغن في الولايات المتحدة فقد انقطعت خطوط التواصل وبقيت مشروع غير مكتمل.. عموما انا ارى ان تجربة كتابة المرأة والرجل انما هي حياة اخرى تظهر الرقي والجمال معا لانهما حلقات ابداعية لها خصوصيتها..
وكانت تجربتي المشتركة الاخيرة مع الاديبة العراقية سولاف هلال لها خصوصيتها وقد لاقت الكثير من النجاح وانا سعيد بهذا؟
س8: سراق أوروك قصص لك ترجمت إلى الفرنسية ، كيف تنظر إلى مسألة الترجمة ، هل هي لاكتساب قرّاء جدد أم أنّها ضرورة حضارية أن يطّلع الآخر على ثقافتنا بلغته مثلما اطّلعنا نحن أيضا على بعض الآداب العالمية من خلال ما اختاره لنا المترجمون من نصوص؟
= من الاشياء الجميلة التي قدمها لي اصدقائي في المغرب العربي بكل بلدانه واعني الجزائر المغرب تونس واخص الصديق المبدع جبران الشداني الذي رحب بي كثيرا عبر لقائي معه في مطر وجدتني بين مجموعة ابداعية جديدة تضوع بعطر الحضارة والرقي خاصة بعد ان فاجؤوني بترجمة قصصي الى الفرنسية مع كثير من النصوص وبالتالي اكتمال مجموعتي سراق اوروك بالفرنسية هنا كان لابد ان اعبر الى ضفة العالم الاخر وقد سمعت طويلا عن تجارب جميلة لروائيين عراقيين كتبوا بالفرنسية مثل جبار ياسين الذي اوصل الخطاب الابداعي الى ماوراء الحدود الى اوربا ليشكل خصوصية اشتغال
اذن لابد ان اقبل اصدقائي ممن قاموا بالترجمه الى الفرنسية واعني مرتضى العبيدي والسيدة فتحية حيزم والاستاذ جبران الشداني لاقول الفضل يعود هنا الى النشر الالكتروني الذي لايعرف الحدود...
س9:نتوقف الآن عند العالم الافتراضي و أنت فارس من فرسان النور ماذا قدّم لك النشر الالكتروني كمبدع؟
= النور واحتي الابداعية الجميلة التي منها انطلقت لارى واحس بجمال الزنابق حيث تتسابق الحروف لرسم فيض ابداعها والاجمل التواصل اليومي واللقاءات الحقيقية عبر مهرجان النور والجمهورية الاعلامية الكبيرة التي ندين بالفضل الى فلاحها الاستاذ الصائغ فوجدت ان سلام نوري واحد من مجموعة كبيرة وصلت الى 2500 اديب ومثقف في كل شتات العالم انها حالة صحو هذا اولا الشيء الاخر اكتشاف انك تصنع حلاوتك بين شعراء ورموز كبار وهذا اجمل هدية وبالتالي مشاركتهم في تقويم تجاربنا وردودهم انها اذن حالة صحية ترمم ماتبقى من اثار شظايا الماضي ولاننا مولعون
بالحزن وهذا يعود الى العامل النفسي الذي ترك اثاره السيئة فينا صرنا نهب النور وجعنا ليشاركنا الاخرون الاحساس الجميل وخاصة حينما نتوحد تحت يافطة الالم المشترك والمعاناة
س10: وماذا يخفي سلام نوري في درج مكتبه من أوراق؟(مشاريع مستقبلية )
= هناك الكثير من المشاريع التي لا استطيع ان افصح عنها لانها بمثابة شيء مخيف لايغادرني ولكننا مولعون بجمع الاخطاء لانها تترك اثرها فينا وقد مللنا دفع اثمانها الفادحة ولابد أن يكون للقلم تأثيره ولكن هذا يحتاج الى جيل جديد يستقبل الرأي الحر ولايسعى للعنف لذلك ستبقى مشاريع مؤجلة حاليا ربما يكملها احفادنا مستقبلا لاننا شهود عيان وذاكرتنا مازالت تزخر بالوجع ومشاهده
س11: لا يمكن أن نختم هذا اللّقاء دون أن نقف عند ريحانة القلب و التي أهديت لها قصيدتك الرائعة "الى امرأة عمري" ، هل يمكن أن نعرف دور الزوجة الفاضلة في كلّ هذه الدرر الأدبية التي تقدّمها لنا هل هي قارئة جيّدة لنصوصك أم أنّها ملهمتك التي تفتح نوافذ روحك على الإبداع؟
= اجمل اسئلتك يكمن هنا.حكيت عن الوجع والالم والمعاناة..امرأة عمري اوجزتها في ان نتخطاها الى ماوراء المستقبل وعلينا ان نتواصل لترميم الاخطاء.. لان العوز والوجع يخلف الاخطاء والخوف من المجهول اذن هي دورةحياة مشتركة لامرأة تعتبر المرسى الجميل لاخر ضفة اعو داليها بعد رحيلي الى سماوات بعيدة انها الام والصديقة والحبيبة والرفيقة لا استطيع ان اوجز شخصيتها في كلمات بسيطة لكنني اقول لولاها ماكان سلام ولم يكن؟
س12: الآن لك أن تقول ما تشاء (كلمة في نهاية هذا اللقاء)
انا اتقدم بالشكر اليك ايتها المبدعة زميلتي الغالية جميلة طلباوي وقد منحتيني فرصة التحليق عبر متوالية الالم الذي رافقني طويلا ومازال..
لكل اصدقائي وصديقاتي وحتى الذين لهم وجهات نظر مغايرة ازاء شخصيتي البسيطة اقول دمتم وطاب لقاؤكم
قبلاتي لكم جميعا
شكرا على صبرك معي
التوقيع:
عجبت لكلي كيف يحمله بعضي
ومن ثقل بعضي كيف تحملني ارض؟
الحلاج