للقمامة وجهان
من خلف زجاج النافذة المظللة لسيارته الفارهة ذات الدفع الرباعي ومن خلف نظارته
السوداء كان ينظر بتقزز الى مجموعة من الأطفال وهي تبحث في القمامة التي ترميها
عادة سيارات البلدية على اطراف المدينة وبجانب الخط السريع،كانوا يحفرون في القمامة
بحثا عن العلب الفارغة ولقمة طرية لم تتيبس،وجوه بريئة فقدت نضارة الطفولة،بعد أن
غادرت سيارته المسرعة هذا المنظر,تمتم بصوت عالٍ ليسمعه مرافقه الجالس في المقدمة
وسائقه وهو يضحك ضحكة صفراء أضهرت اسنانه التي نخرتها سوسة الإستجداء حين كان
ضمن قائمة الإعانات عند دولة اللجوء بعد هروبه من اداء خدمة العلم في بلده.
-لا ينفع معهم؟لا يشبعون!رغم الحصة التمونية التي نوزعها عليهم!
لم يعلق مرافقه ولا سائقه وأكتفى الإثنان بنظرات متبادلة ذات مغزى.
عند باب المجمع الطبي توقفت السيارهة الفارهة ليسرع المرافق فتح باب السيارة الخلفي
ليترجل متبخترا بطريقة فجة وفي فمه سيكارة فاخرة كوبية التبغ،اتجه فورا لطبيبه الخاص!
فقد كان قد أجرى فحوصات عامة تطلبت أخذ عينات من دمه لشعوره بخمول وذبول منذ
ان عاد لبلده مع القوات الأمريكية الغازية دليلاً مع احدى وحداتها القتالية.
لم ينتظر طويلاً فبادر سؤال الطبيب بلهجة لا تخلومن الإستعلاء عن نتائج الفحص المختبري
نهض الطبيب من على كرسيه وهو يحمل ملف المختبر ونتائج الفحص وبلغة لا تخلو من
التشفي راح يقلب اوراق الملف قائلا له
-يؤسفني سيدي أن أخبرك إنك مصاب بمرض فقدان المناعة المكتسبة...
القصي