@@@@@@@@
لحظة لم أنساها
غمرتني غشاوة وانتابني أرق ، تفرقت الأوصال وتفصدت ، كلما حاولت جمعها . عاندت ،
أسئلة وحوار ولا ينقطع الخيط ، كل الدروب أدخلها عسي أن أجد من يدلني ، ما الذي جعل رسالتي
تعود ؟ قد تكون ذهبت للعنوان الخطأ .! ، أو تاهت في الطريق .! أو رفض استلامها ...!
كل التفاسير وارده إلا تفسير واحد ...! وضعت على كاهلي حمل المعرفة بالأمر ، فالليل لا يتركني
النهار لا يبسطني ، فقدت شهوتي عن الطعام ،عن الكلام ، عن الشراب ، صائم دون إرادة ، خلت
الأحشاء من الفتات وضمرت البطن وذبلت ملامح الوجه النضر ، كأنني شجرة التهمتها النار
في حريق فأتت علي الساق وأكلت الرأس . عمدت إلى صندوق اللفائف من التبغ بشراسة
ألوكه لفة لفه دون أن أدري أو أشعر بالضرر الذي سوف تسببه كثرة التدخين ، كأنني وجدت
ضالتي في التدخين ظناً أنه تهوين أمري ،وقد جعلت من لفائف التبغ زاداً ،
ظللت بين اليأس والرجاء غارقاً أقلب وسادتي تحت رأسي ، مرة لليمن ومرة للشمال ،ومرة
أقذف بها في وجه الجدار ، ومرة أقلب وجهها، ومرة أعصر خصرها . حالة تقترب من الجنون
مر اليوم الخامس وما من ضوء ، والوقت يأكلني والأرق ، عزمت على السفر ، أحتاج لأمهد
الطريق لسفري . أمي ترقبني وعينيها معي وسؤال مكتوم على الشفاه أراه ،
، تعللت واختلقت الأسباب وجعلت لنفسي حجة وتبريراً ، والتحقت بالقطار الذي سوف ينقلني
حيث المراد والمحبوب ، لو كان باستطاعتي أن أسبق القطار لفعلت .! ، الرصيف يعج
بالمسافرين وضعت قدمي ألامس أرض المحبوب لحظة لم أنساها وغرغرة العيون ، سارعت
وأنزلق القدم ، يد تشدني وأخرى تنهضني ، الشارع ؟ أين الحارة ؟ هنا توقفت السيارة
حسب العنوان ، بعض الملامح تغيرت وجوه الجداران أبواب البيوت بعض المحلات التي نشأت
كدت أغرق في الفضول ، تعلقت وتسمرت وغبت وأنا أنظر الديار التي تعمل فيها المعاول ،
لتستأصل ، تقدم رجل يقف أمام بيته المجاور وهو يتحاشى الغبار ،ماذا تريد ؟
قلت أين أهل هذا الدار ؟، قال : أولم تعلم ، قلت : لا ، هل أنت قريب لهم ؟ ، قلت :نعم ،
قال: وهو ينظر إلى الأرض متأسفاً ، رحم الله أصحابه وأهله فقد قضوا جميعاً تحت عجلات
القطار
بقلم // سيد يوسف مرسي