((زنديق))
اعد روحه لصدام وشيك, كان يجهش بما تراكم من سنوات غزت فيها مخيلته ملايين النتائج التي صارت تلفظها ذاكرته التي وسعت وأحاطت بكل شيء.
مر بهم حينما كانوا يعلقون على الجدران وصايا نبيهم الذي ولد وهو يجهش بالسلام, وتسلق صلبان الموت وهو ينادي بالمحبة ... المحبه المحبه.
المحبة هي من جعل نوافذهم تنث عبق الرغيف الساخن, الذي يهبوه إلى الذي قد يطرق بابهم سائلا عن رغيف يطرد به جوعه ويحصن جسده من سطوة صقيع هذا الليل المميت.
حذرهم النبي من عاقبة من يرد طلبه حين يطرق أبوابهم وهو متنكر بزي مشرد يسألهم الخبز. من الشبابيك كانوا ينتظرون أن يطرق النبي أبوابهم طالبا منهم خبز المحبة والسلام لذلك لم يتردد حين لوح لهم وصاح بأعلى صوته ... السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته.
ترك حيهم الآمن وهو يضج بأصوات المحبة والأمان وهي تردد ... وعليك السلام ورحمة من الله وبركاته ...
كان كلما توغلت خطواته في عمق البراري تضيق به دائرة المعنى الخاصة بالإنسان .
أنهم جماعات لا تريد أن ترتبط ببعضها, يجمعون على الأصل وتفرقهم الفروع, جماعات متكتلة هنا وهناك يعتلي منابرهم كائنات يفوح من بين ثناياها الجهل والطمع, سمع احدهم ينادي في حلقة من الناس : إن النبي كان يكتف يديه عند الصلاة, ورده آخر بان النبي كان يسبل, وفي محنة هذا الاختلاف احرق وقتل الكثير من هذا الفريق وذاك.
وسمع في حلقة صغيرة كائن ينادي والدموع تجري على لحيته, إن الرسول كان ينام على جنبه الأيمن, واتفق معه ذاك الذي كان يعتلي المنبر الآخر, واتفق الآخر والآخر حتى صار اتفاقهم جمعي, تصاعد نداء العقل فيه وتمتم متذمرا, راقبتم نبيكم حتى في خلوته وأجمعتم على طريقة نومه, واختلفتم في الصلاة التي كانت تجمعكم به يوميا ولعدة مرات, تركهم والضجيج يحاصره وقرر إنهم قوم اعتنقوا رسالة قادها نبي لا يصلي, أو ربما كان يصلي في خلوة, يصلي وحيدا, بعيد عن عيونهم التي يضج فيها طمع الملك, ولأجل الملك وجدهم دعاة حرب, فانفلت من لسانه تحية وجدها تليق بهم حين ردد:
الحرب عليكم ونقمة من الله ولعناته.
***