قال:يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: (يَعْمَهُونَ) .
قال: في ضلالتهم يلعبون.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال:نعم، أما سمعت الأعشىوهو يقول:
أراني قد عمهت وشاب رأسي
وهذا اللّعب شيــــــن بالكبيـــــر
(المعاني) يَعْمَهُونَ الجذر: عمه الأصل: يَعْمَهُ معناها بالإنجليزية: they wander blindly
· يَعْمَهُونَ:يضلون - والعمه هو الضلال
· يعمهون:يعمَونَ عن الرُّشد أو يتحيّرون
· يعمهون:يعمهون: يترددون و يتحيرون. أو يعمون عن الرشد فلا يبصرون، أو يتحيرون. ويقال: يلعبون و يلهون.
· عمه العمه: التردد في الأمر من التحير. يقال: عمه فهو عمه وعامه (قال السرقسطي): يقال: عمه فلان في الأرض، وعمه عمها وعموها وعمهانا: إذا تردد لا يدري أين يتوجه فهو عامه وعمه. وجمعه عمه.
قال تعالى: ﴿في طغيانهم يعمهون﴾ ]الأعراف/186[، ﴿في طغيانهم يعمهون﴾ ]البقرة/15]، وقال تعالى:﴿زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون﴾ ]النمل/4[.
آيات كلمة يعمهون:
·ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﱠالبقرة: ١٥
· ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﱠالأنعام: ١١٠ · ﭐﱡﭐﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﱠالأعراف: ١٨٦
· ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﱠيونس: ١١
· ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱠالحجر: ٧٢
· ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱠالمؤمنون: ٧٥
· ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱠالنمل: ٤
وقوله:(وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
الآية في قوم علم اللَّه أنهم لا يؤمنون؛كقوله: (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ( غير أن هذه في المنافقين والأُولى في الكفرة.
وهى تنقض على المعتزلة قولهم؛لأَنهم يقولون:إن اللَّه لا يقدر أَن يستنقذهم في حال الاختيار، وإنما يقدر الاستنقاذ منهم في حال الاضطرار،فأخبر عَزَّ وَجَلَّ:أَنه يستنقذهم على فعل الطغيان.
وقوله:(وَيَمُدُّهُمْ)أي: يخلق فعل الطغيان فيهم. ويحتمل:أن يخذلهم ويتركهم لما اختاروا من الطغيان إلى آخر عمرهم. ويحتمل:أنه لم يهدهم ولم يوفقهم. وفي هذا إضافة المد إلى اللَّه. وإضافة المد على الطغيان لا يضاف إليه إلا لمدح، والمدح يكون بالأَوجه الثلاثة التي بينا، وفي هذا أَنه إذا كان هو الذي يمُدهم في الطغيان قدر على ضده من فعل الإيمان؛ فدل أَن اللَّه خالق فعل العباد؛إذ من قولهم:إن القدرة التامة هي التي إذا قدر على شيء قدر على ضده.
والعَمَهُ: الحيرة في اللغة.
ليس فى القرآن من المادة غير هذا الفعل المضارع فى الآيات السبع.
والعمَه فيها ضلال وطغيان، وغفلة سكر وعمى بصيرة، كأنه قريب من العمى. والأرض العمهاء فى العربية، التى لا أعلام فيها.
وقالواْ ذهبتْ إبلُه العُمَّهْى، حين لا يدرى أين ذهبت. (المقاييس: عمه)وحكاه عن الخليل ويعقوب.
وفسر بها (يعمهون)والتفت "ابن الأثير " إلى صلة بين العمه والعمى،قال:العمه في البصيرة كالعمى فى البصر، وقد تكرر فى الحديث(النهاية) .
وفي تأويل آية البقرة 15، قال أبو عبيدة فى(مجاز القرآن):يقال: رجل عَمِهٌ وعامِهٌ، أي جائر عن الحق.
قال رؤبة:
ومهمه أطرافــــه فـــي مهمه
أعمى الهدى بالجاهلين العمّه
وفى تأويل ابن قتيبة(بكتاب القرطين. 1 / 23( يعمهون)، يركبون رءوسهم فلا يبصرون،ومثلة:(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الملك22.
ونقل قول أبي عبيدة، وشاهده من رجز رؤبة، فتأويلها فى المسألة بالتردد واللعب، يُقبل فى آل لوط(فى سكرتهم يعمهون)لكنه فى سائر الآيات من الضلال وعمى البصيرة،أو كما فى تأويل الطبرى:والعمَة نفسه: الضلال،يقال منه: عمِهَ عمها وعمهانا وعموها إذا ضل.
والعُمهُ جمع عامهٍ - وأنشد رجز رؤية - فمعنى: (فى طغيانهم يعمهون) :فى ضلالهم وكفرهم الذى غمرهم دنسُه وعلاهم رجسه، يتردون حيارى ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا.