الريحُ قادمةٌ..
الريحُ تصفرُ..
الريحُ قادمةٌ من اتجاهٍ
ذاهبةٌ في الاتجاهِ الآخر..
الريحُ في جميعِ الاتجاهات..
لا يهمُّ من أينَ تأتي
ولا إلى أينَ تذهبُ..
الريحُ قادمةٌ باتجاهنا..
وكانَ هناكَ بردٌ وقمرٌ ونجوم..
وكنتُ على موعدٍ مع عيونِ حبيبتي...
وتلاشى القمرُ...
ابتلعهُ غيمٌ أسودُ..
وضبابُ..
وكانتْ هناكَ نجمةٌ في السماءِ
تركتْ مكانها واختبأتْ
في ثنايا شعرِ حبيبتي..
أَضمُّ حبيبتي أكثرَ..أُقبِّلُها أكثر..
تقبّلُني بلطفٍ..
وتزدادُ النجمةُ اتّساعاً وجمالاً..
آلافُ النجومِ تغرسُ على جسدينا
..لكن؟؟
شبحٌ قادمٌ من بعيدٍ لم أميّزْ ملامحهُ،
لم أميّزْ سوى
عيونٍ تقدحُ الشّرر،
شبحٌ آخرُ خلفَ الصخورِ..
شبحٌ من الأرضِ ينبثقُ..
وتكاثرتِ الذئابُ..
خائفةٌ حبيبتي وخائفٌ عليها،
أضمُّها إلى صدري أكثرَ
وإلى روحي أكثرَ..
خائفةٌ وخائفٌ عليها..
تلتفُّ الذئابُ حولنَا..
يا الله أنقذنا يا الله..من الذئابِ
والوحوشِ والموتِ اليوميّ..
صرخةٌ تردّد صداها الأرضَ كلها..
تقتربُ الذئابُ أكثر فأكثر..
وينسكبُ كأسٌ من الخوفِ على شفتي وأضيعُ في نشوةِ الحبِ والموتِ معاً..
يقفزُ ذئبٌ باتجاهِ حبيبتي..
أحاولُ ان أحمَيها..خفتُ..
وخانتني اللحظةُ..
يحاولُ ذئبٌ آخرُ النيلَ منها..
أقدّمُ جسدي قرباناً لها..
إقبلْهُ يا الله إقبْلهُ يا إلهي..
صرختُ
وحبيبتي تنظرُ إليَّ وتبتسمُ
ونحترقُ سويةً بطعمِ الحبِّ..
"من لا يقلعُ عينيهِ من أجلِ حبيبتهِ
لا يستحقُ ان تكونَ لهُ حبيبةً"
هكذا قال بابلو نيرودا
تملأُ دمائي الأرضَ كلّها..
تغوصُ فيها بعيداً..
وأنا أغوصُ في الأرضِ..
أنظرُ عالياً باتجاهِ السماء..
لأرى روحَ حبيبتي..
صاعدةً وملتفةً
بشالٍ من الياسمينِ..
طاهرٍ ونقيٍّ مثل حبي لها..
شالٌ من الياسمينِ يغطي
عذارى الأرضِ كلِّها..
وفي تلك اللحظةِ ومن دمائي
نبتت شقائقُ النعمانِ..
لتملأَ الصّحارى اليابسةَ،
والقلوبَ اليابسةَ،
والعيونَ اليابسةَ..
والذئابُ لا تزالُ
تنهش جسدينِ فانيينِ..
صرختُ بوجهِ الذئابِ..
صرختُ بأذنِ الذئابِ..
لن تستطيعوا ان تمزّقوا شالَ الياسمين..
ولن تحرقوا شقائقَ النعمانِ..
الأرضُ كلُّها توقفها لحظةُ حبٍّ..
هل تسألونَ عن حبيبتي..
لقد خبأتُها فابحثوا عنها
في جفونِ الياسمينِ..وأهدابِ الفراشاتِ..وحفيفِ الشّجرِ..
وأكاليلِ الغارِ التي تتوّجُ العشاقَ..
لن تستطيعوا ان تسرقوا براءةَ عينيها،
ونقاءَ صوتِها..لن تستطيعوا
ان تَلمسوا كفَّها
المجبولةَ من نورِ الصباحِ..
لن تستطيعوا..
ورأيتُ دمعةً تنسابُ
على خدِّ القمرِ...