كنت أنتظر لحظة اللقاء بفارغ الصبر ..
وكان في نيتي أن أقابلها بعد صلاة المغرب لأنني لم أنم لكن ..... !!
ظللت أواصل سهري حتى ألتقيها لأنها كما أخبرتني ستغادر إلى جدة قبل المغرب .
وتواعدنا بعد انتهائها من مناسك الحج لئن أزورها في فندق (الشهداء) بحي ( أجياد ) قرب الحرم المكي الشريف ..
جئت مبكرة جداً ..
اتصلت بها لأسالها عن رقم الغرفة ورقم الدور الذي تقطنه
لكنها لم ترد ..
وانتظرت في السيارة أمام الفندق أنتظر منها اتصالاً ..
كانت قد أخبرتني أنها ستقوم بطواف الوداع في الساعة العاشرة صباحاً فاتفقت معها على الزيارة بعد صلاة الظهر
صليت الظهر في بيتي الذي يبعد عن الحرم مسافة ربع ساعة فقط بالسيارة إلا أن هذه المسافة تطول إلى أكثر من ذلك في مثل هذه الأيام .. وانطلقت لمقابلتها ..
لكن الزحام الشديد واستغرق مني الحضور ساعة إلا ربع ..
وظللت في سيارتي حتى اتصلت تخبرني أنها قد وصلت أخيراً وأنها بالأسفل بانتظاري فترجت ودخلت الفندق
ورأيتها أمامي واقفة في بداية مدخل ( الأوتيل ) نادتني : عطاف ؟!!
تقدمت نحوها وعانقتها شعرت كأني حقاً أعرفها منذ زمن بعيد جداً
دفئها , حنانها , رقيها ..
وفي المقابل كان ارتعاشي وترددي وارتباكي ..
عرفتها روحاً لأنني لا أعرف شكلها فتلاقت الأرواح ثم الأجساد ..
نحت بي جانباً وجلسنا معاً
كانت لحظة صمت كنت فيها أتأمل وجهها المشرق بالود والإيمان والرقة وغير مصدقة أنني ألتقيها هي ذاتها بلحمها ودمها كما يقال .
تمنيت أن تطول هذه اللحظة ( لحظة الصمت ) لأرتوي من هذا اللقاء ( الحلم ) والذي مازلت أتلمظ أثره في وجداني وروحي وقلبي ... ولولا أنني خجلت من طول صمتي وبدأنا نتحدث لاستمريت في صمتي فقط متأملة حتى أنتهي وأرتوي ..
تحدثت يدانا ..
وعينانا ..
وكل ملامحنا ..
وتحدثت تلك الحروف التي تخرج من شفتينا قبل أن نتحدث بها ..
شعرت بأن المكان يطير بي حولي وبها ..
وحقاً لم أشعر بمن أو بما حولي !
وحان لي أن أفارقها على أمل زيارتها القادمة المأمولة للعمرة قريباً ..
لكأني ما رأيتها !
ولا حتى كلمتها !
رؤيتي لها كانت حلماً , وكلامي معها كان ملعثماً لأنني لا أعرف ماذا يمكن أن يقال من كلام في وقت موجز جداً كهذا !!
صدقوني مازالت أشعر بلذعة فراقها لأن الوقت لم يمهلني أكثر لئن أبحر معها في مدائن من الكلام الجميل أو مدائن من الخيالات الحلوة خاصة وأن الأحاديث ذوات شجون مع الأقرباء إلينا ..
كانت أمنياتي عريضة عندما علمت بوجدوها هنا في مكة ..
تمنيت أن آخذها معي إلى بيتي أعرفها على أخواتي وأمي ونعقد أمسية شعرية جميلة
ولكن آسفني جداً ضيق وقتها وارتباطها بمتطلبات الحملة وسفرها لزيارة والدتها في الأردن ..
ودعتها ولامست أطراف أصابعنا أطراف بعض في نهاية العناق ..
واختفت وسط الزحام
وخرجت أنا من ذاك المكان الحلم الذي جمعني بها على أمل اللقاء وكلي أمل برؤيتها من جديد لعلي أرتوي منها أكثر ..
عواطفي الحبيبة كم أنا مشتاقة لك
وحمداً لله على عودتك ..
وتقبل الله منك سائر المناسك فحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور بإذن الله تعالى .
ثم دعواتي لك بإقامة جميلة وهانئة وسعيدة بجوار والدتك الحبيبة حفظها الله لك
وأرجو لك عودة أخرى مكللة بالأمن والأمان إلى حيث تسكنين في نيوزيلانده
وسلامي الخاص لأخواتك ولابنتك الحبيبة ( رسل )
وسعيدة لك جداً بلقيا أخويك في الحج صدفة , ورب صدفة خير من ألف ميعاد .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم