" غيمة الحزن "
مـن غـيمةِ الحـزنِ سـالَ الـدَّمعُ وانسَكَبا= فَـأَنـبـَتَ الصَّـبـرُ مــن قـِيـعـانـِهِ عَـجَـبــا
وَشَـاخَ فــي مَـهــدِهِ عُـمـري فـَأَيــنــَعَـنـي = شَــيـخـاً يـُتـَمـتـِمُ لا صِـدقــاً و لا كــَذِبــا
عَــبــَرتُ ألــفَ طَــريـقٍ حَـامِـلاً أَلـَمـــي= وَهَـمـهَـمـاتُ خُـيـولي تَسـبـِقُ السّـُحُـبا
جَـعـلـتُ كُــلَّ هُـمـومِ الكَـونِ تــَتــبَـعُـنـي=وَمَـا انــثـَنـَيـتُ وَمَـا أَنْ كـُنـتُ مـُرتَعـِبا
وَرُحـتُ أَبحَـثُ عـن مـَـنـفـى لـِيَـحضنني=فــَكَـانَ مـَنـفـايَ أنـّي أَمـقـُتُ الهـَرَبــــا
فَـصِـرتُ لِـي وَطَـنـاً مُستَنهِضاً هِـمَـمي = وَعـَـائــِذاً بــِرِداءِ الحــَقِّ إِن وَجـَبــــا
والـواقـفـونَ عـلى الأحـقـادِ ما فـَتـِئـوا= يـَسـتـَنـبـِتـونَ هُـناكَ الشَّـرَّ والوَصَبا
عَـزَفـتُ أَجـمَـلَ أَلـحَـانـي لـتُـطـرِبَـهـم = فَما أَصَاخوا وصَاروا في الخَنا عُصَبا
عَـاثـوا بـِكُـلِّ جَـمـيـلٍ كُـنـتُ أَصـنَـعُــــــهُ =وَأَوقــَدونـي بِأَضــلاعِ الشـِّتــا حـَطـَبـــا
وَكَـانَ لـي أَلـفُ صَـرحٍ ضِـمنَ مَـمـلَكـَتي =مـُمـَرَّدٍ مـــن قــَواريـرٍ وَمـــَا انـجَـذَبـــــا
وَكُـلَّـمـا نَـكّــَروا عَـرشِـي اهـتَـدَيـتُ لَــــهُ = وَكــُلّـَمـا أَبـعَــدونــي بِــــتُّ مـُقـتـَرِبــــــا
وَكُــلّـَمـا أَسـفَـرَت شَـمـسٌ لِـتُـشـرِقـَنـــي=جَـاؤوا بـِلـيـلٍ , نـَهـَرتُ الـلـيـلَ فَاحتَجَبا
كَـأَنّـَهُـم مَـا دَرُوا بِالشَّـمـسِ مِـلءَ يَــدي= وَأنَّ ذاكَ الـدُّجـى طـَوعِـي وَإِن صـَعُـبـــا
فَـإِن تَــقـَطَّـعَـتِ الأَسـبَـابُ بـِي وَرَمَــــــت = أَقــدَارُهُـم قــَدَري , أَتـبـَعـتُـهـم سـَبـَبـــا
حَـتّـى رَكِـبـتُ بـُراقَ الـلـهِ يَـحـمِـلُـنـــــي = فـِي الفـُلـكِ فـَرداً لأَمـضي فيهِمُ حـُقـُبــا
أَنــا وَرِثــتُ حَــمُـورابــــــي مَـسَــلَّــتَــهُ = يـَداهُ خـَطَّـت لِـقـانـونٍ لَـــــــهُ كــُتِــبــا
أَنَــا سَـفـيـنَـةُ نـُوحٍ مِـلـؤُهـا وَطـَـنــــي = لـَمْ تـَشـكُ بـَحـراً وَطُوفاناً إذا اضطَرَبا
أَنَـا العِـرَاقُ , أَنَـا التَـأرِيـخُ إِنْ نَـطَـقَـت= لـَهُ العـُصـورُ وَصَاغَـت رُوحَـهُ ذَهـَبــا