قالت : تنهيدة كبيرة تملأ دنياي عندما أجلس على ضفتك قلت : أيها النهر صباح الخير .. ما الذي عكّر صفو وجهك؟ قال : تشكل في مخيلتي جزراً خضراء أسماها أهل الفرات ( حويجة ) أسميتها أنا ( جنّتي ) وأسكنتها ببنات أفكاري . قالت : لاأعرف ماذا أقول لك فقد غادرتني كلمات العشق . قلت : يانهر تكلّم .. فالصمت القاتل يكتب في ذاكرتي رقماً صعب النسيان . ولكنّ اللّجة تمحوه . قال : مع كل غربة أعود ... لأجدني في غربة أهلي بأعتابك .. يانهر أقف بذهول وأتمنى أن تحتضن الجسد . قالت : أتمالك نفسي بهذا الصمت فأنا ضعيفة أمام عينيك . قلت : يانهر لمحت فيك لؤلؤة ونجمة ونفايات خلّفها المعاقون . سأغوص إلى أعماقك أحاول مسح اللؤلؤ وأشعل النجوم حباً .. وأنظّف قلبك من تلك النفايات .. رغم أنف أسماكك التي تكرهني . قال : أعيش فيك من قبل التاريخ وأبني مدناً وحضاراتٍ وأمدّ ثقافتنا حتى آخر عظم في التاريخ .... فراتي أنا . قالت : خائفة أنا .. يكاد يقتلني الخوف .. ترى ألأنني أخاف الغرق في النهر أم لأنني أخاف الغرق في حبك .؟ قلت : يانهر كئيباتٍ أحلامك .. دعني أنفضُ عنها غباراً كبّلك بمايدعى شاطئ .. كي تصبح حراً لاتسجنك الشطآن . قال : سآتي إليك لأغسل أحلامي وأطوّف فيك شموع الترقب علّك ترد ماضاع مني إليّ . قالت : أعيش حالة ضياع ... أتمعّن فيك وفي النهر .. أجد هدوءاً في أرجائك يكتنف هدوئي وهدوء النهر . قلت : كلماتي من خلف الجدار الذي بيننا أتعبتهم .. سأظل أصيح حتى يصيبهم الصمم .. يانهر خذ مني وعداً .. ستراهم ذات يومٍ يتحدثون بلغة الإشارة . قال : أغصُّ حتى عظامي بأوحالهم وتراكم عقولهم الصدئة قتلتنا تفاهاتهم . لهذا أراك تترنح متململاً . قالت : أتمنى أن يصيبهم الصمم والعمى أيضاً كي لايروننا ونحن نسير معاً يداً بيد على شاطئ النهر . قال : تخنقني الكتل الاسمنتية في أدمغتهم العقيمة . قلت : غادرتُ بيتي باتجاهك يحملني ألف شوق إلى عينيك .. ظننت أن فيك ذات الشوق .. لكنني تفاجأت أنني زائر لسرير النهر.. ليس إلا . قالت : أنا وسرير النهر واحد . قال : أسِن النهر ولم نيأس . قلت : مغرور أنت يانهر تحمل كل عيوب الدنيا وتحمّلني إياها .. ما أقساك وأنت تفيض وتسقي زروعي وفي عينيك نظرة تمنّ فيها أن سقيتَ . قالت : أمنّ عليك ليس لشيء .. وإنما لتعود إلى دفء شواطئي مرة أخرى ولاتتركني وحيدة. قال : اجري في شراييني واحفر أعماقاً في قلبي . هي روحي انثرها ورداً بجروف العشق لتحيا من جديد . قلت : كنتَ ولاتزال .. طفلاً ألهو معك .. أهدهدك حتى تنام .. وأنام .. متى كبرتَ ولماذا ؟ قالت : هي سنّة الحياة تجبرنا على أن نكبر ولكنّ الطفل في داخلي لايزال يحنّ إلى الهدهدة واللهو قال : دللول يا الولد ياابني دللول ... عدوك عليل وساكن الشول . قلت : تصبح على حب يانهري سأظلّ آتي يحملني ألف شوق إلى عينيك