بيتي مسقوف بالسماء
أذعن لمغادرة عالمه الفسيح. دفن في قبر مخرم مشنوق بوثاق إلى سقف غرفة . يعلو حظيرة من البشر لا تنتمي أذواقهم إلى تغريد البلابل . حمد الله وأثنى عليه . تضرع للخلاص من محنته هذه قبل جفاف صبره.
ﺇنزوى يفكر بقلب مكدور , وصدر ﺇنتفخ بغيظ أوصله لحافة الانفجار. لاحقته تساؤلات مهينة . عما إذا كان هذا المقام مكاناً مناسباً لفتح شهية شدو الحان مرغوب فيها؟ . أي عقوبة ينزلون بحقه لو جاء صوته يشبه نواح السجناء؟
لوى رأسه لعدة جهات . تبين محطات بيته الجميل المعد له بذوق رفيع . معلق برحم حجرة لا أثر فيها للرحمة . ألح عليه تضوره .أن يدنو من أطباق مئونة وضعها له حراس سجنه لترطيب أوداج حنجرة مطلوب منها تقديم أفضل الأنغام مقابل بقاءها على قيد الحياة.
تجرع ما رآه كافياً لسد رمقه . مسح منقاره . حاول أن يتناسى نثيث غربته . انتفض على تكاسله . تقافز على أعواد قفص ﺇقامته الجبرية . ﺇستعد ليفتح زمارة ألحانه كأول دفعة مقبوضة الثمن . فجاش صدره بصوت يشبه نعيب البوم . ﺇستشاط الرجل غيظاً وسط ردود أفعال عائلية ﺇختلط فيها الضحك والاستهزاء بالتعجب!! . لأنهم غير واهمين بأن هذا الذي في القفص ليس بوماً .
المسكين حاول جاهداً وهو يرتجف خوفاً وخجلاً ، أن يجلي من ساحته تهمة العناد والمراوغة . لكن بلا جدوى .فكل الذي جاد به سلّم بلعومه الموسيقي جاء نبرة مشروخة.
ﺇختبى خلف صمته . حاط نفسه بما تبقى له من صبر. راقب الصخب الفائر تحته بعينين مغوشتين بالهلع . ينتظر أية طريقة موت تنفذ بحقه. غط في تساؤلات مع الذات . قبل أن يتوجه بدعاء المضطر ليكشف عنه السوء. أينتف ريشه نتفاً؟ أيذبحوه؟ أم يوأدوه ؟ أو ربما يمنع عنه قوت يومه . أم ماذا.....؟
ألوان ريشه الزاهية . وتفاهة حجمه . وكل ما علق به من ذل الأسر . لم تنفعه كمبررات لثني الهائجين لابتلاعه حياً . الأيادي الحمراء تعالت من تحته كمخالب مفترسة . أراد أن يدلي بآخر أقواله . أومأ بجناحيه الى فمه المشدوق الذي غادره حتى النعيب . لكن الغيظ لم يترك وقتاً لفهم ﺇستغاثة خرساء .
طالته اليد التي أخذت على عاتقها عملية ﺇعدامه. عتت القفص بغشامة . فتناثرت أسيجة (البلاستك ) أشلاءً فوق رؤوس تماوجت مهرولة صوب باب البيت المفتوح على مصراعيه.
ﺇستقبله الأهل والأصدقاء بالأحضان . زفوا هذا العائد من الأسر إلى بيت جديد مبني من القش . مسقوف بالشمس والنجوم . تحتضنه أغصان شجرة السدر الشامخة فوق باحة الدار تحمل ظلها دون ملل .
وسط يعشه شوقاً . وراح يوزع أنغـــاماً جميلة جــــداً ......
1/ 4/ 2008 السبت