أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
دراسة ونقد وتحليل / عطاف سالم
26/3/1424هـ
بحث علمي مقدم على حلقات
حق النشر محفوظ للناقدة فقط ويمنع نسخه للإستفادة منه بغير إذن
المقدمة
إن التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة ، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة . ولغة الشعر هي الوجود الشعري الذي يحقق في اللغة انفعالاً وصوتاً موسيقياً وفكراً ، وهي مكوّنات القصيدة الشعرية ؛ من خيال ، وصور موسيقية ، ومواقف إنسانية بشرية .
والصورة الشعرية بمكوّناتها وأبعادها جانب من اللغة الشعرية([1])، ومهما قيل عنها من تعريفات ، إلا أنها باختصار كما عرّفها الشاعر الأمريكي إذزا باوند : " أنها تلك التي تقدم تركيبة عقلية وعاطفية في لحظة من الزمن " ، وهي لا تتقرّر بمحض الصدفة ، بل تولد من جهد الشاعر الفنان وفق انتقائية دقيقة تقررها الخصال الشخصية ؛ لأنّها عميقة الجذور في التجربة المحسوسة ، ولهذا استطاع الشاعر العربي الحديث أن يحقق خلال اعتماده على الخيال بناء وجود فنّي مستقلّ يستمدّ مكوناته من عناصر الصورة الشعرية التي هي أقرب إلى روح الشعر ، وألصق بمهوم الشعرية ؛ لأنّ المعادلة ما بين وضوح الصورة وجلائها وما بين تأثيرها تظلّ عكسية دائماً([2]).
ولقد وقع الاختيار على الصورة الشعرية في قصيدة (النسر) خاصة للشاعر عمر أبي ريشة ؛ لأنّ الحرية القومية هي ألصق بالوجه الإيجابي الذي يعبر عن إحساس الشاعر بقيم العزة والوطنية والانتماء ، والشاعر يحسّ إزاءها بأنّه يستطيع أن ينسى موقفه الوجداني من الحياة والناس ، ويسهم في قضية مشتركة تجمع بينه وبين أبناء وطنه دون أن يرتد عن مفهومه الجديد للشعر .
وكلّما اقترب الموضوع القومي من وجدان الشاعر زادت صورته الوجدانية وضوحاً فيما يستخدم الشاعر من معجم عاطفي ، وصور خيالية ، وتركيب جديد للعبارة على حين تقف وسطاً بين الكلاسيكية (الجديدة) والوجدانية إذا لم تتحول عند الشاعر إلى معاناة شخصية قريبة من معاناته في التجربة العاطفية .
والشاعر - مع ذلك - هو شاعرٌ وجداني ممن أجاد المزج بين التراث والأساليب الشعرية الحديثة ، وجمع في شعره بين رصانة القديم وطرافة الحديث([3]).
([1]) لغة الشعر العربي الحديث ، السعيد الورقي ، ص5 .
([2]) الاغتراب في الشعر العراقي ، محمد راضي ، ص99 ، بتصرّف يسير .
([3]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، عبد القادر القط ، ص309
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم