من شعراء العراق ولد في النجف
شاعر اتخذ الصعلكة طريقاً
ألقى عليه الإهمال رداؤه فعاش فقيراً فقراً مدقعاً
كثيراً ما كان يبيع قصائده طمعاً بوجبة فطور أو
شيء من الخمر ينسى به راهنه المرير ..
والكلام حوله وحول الواقع الذي عاشه كثير
قصيدة من روائعه ربما تلقي بشيء من ظلالها عليه
الشاعر الكبير عبد الأمير الحصيري
أجائعٌ أيَّ شيءٍ ثم يا قلقُ= أمن حطامي هذا يمطرُ العبقُ
إذا تصبيت روحي دونما تعبٍ= يطغي تلظي هواك القائم الخفقُ
إن كنتَ تحلمُ في قلبي فإن لهُ= من جوعهِ باتَ فيهِ الجوعُ يحترقُ
قلبي الجحيمُ أثيمات الشرور بهِ= معذباتٌ فما أذنبت يا قلقُ
أخشى عليك دمي الواري وأن يك في= إحراقهِ حلمك الريان ينسحقُ
ما زلت طفلاً غريراً كيف تقربني= أنا التشرّدُ والحرمانُ والأرقُ
أنا الشريد لماذا الناس تذعر من= وجهي، وتهرب من قدامي الطرقُ؟
وكنتُ افزع للحانات، تشربني= واليوم!! لو لمحت عينيَّ تختنقُ
قد بتُّ أمضغُ أعراقي وأوردتي= وأرتوي من جراحاتي... وأنسحقُ
شنقتُ قلبي على أحلامهِ.. فإذا= بها، وضحكتها الخضراءُ تنشنقُ
وجبتُ حتى زوايا الغيب! ليس صدىً= فيها، يروي صدى نفسي، ولا ألقُ
زرعتُ حتى اصطخاب الموج في شفتي= ضحكاً، ولم يبتسمْ خفاقي الأرقُ
العري أذهلهُ شأني، فجنَّ على= شفاههِ ألف سؤل، كيف ينطلقُ
عريانُ، يكسو الدنى بالنجمِ ألبسةً= عطشانُ، في راحتيهِ الكوثر العبقُ
فهل كسوت جفون الناس ألف دجى؟= أم هل تبسمَ في أحداقهِ الغسقُ؟
الدار تسكنُ أحلامي! وما اكتحلتْ= بالشمسِ والشمس من كفيَّ تنبثقُ
والكأسُ تشربُ أشواقي، ولهفتها= دمٌ يمصُّ شراييني، ويحترقُ...
لا تسخروا، واسخروا ممن يقيدهُ= من نفسهِ الجهلُ والإذلالُ والحمقُ
الجوعُ يعذبُ.! لا ليلاً ولا سحباً= ما دام ينجدني في صبحهِ العرقُ
تموتُ في رقصاتِ الكأسِ صاخبةً= أنغام من في نشيجِ الموتِ قد غرقوا
أحجارُ مقبرةٍ.. لم تجر أعرقهم= إلا بخوفِ لهيبٍ سوف ينعتقُ
هنا الجنان!! فلا يشرب عيونكمُ= طيفٌ على أعظمٍ نخراء يتسقُ
فاللهو، والحور، والشهوات، لا ألمٌ= زاهٍ ولا الحلم المعطار يسترقُ
والابتساماتُ والأضواءُ ناعسةٌ= والعطر مستعر الأنّاء ينتشقُ
النجمُ يرقصُ من حولي وفي قدحي= يلألئ القمرُ السكرانُ والأفقُ
أنا الإلهُ وندماني ملائكةٌ= والحانةُ الكونُ والجلاسُ من خلقوا
والنادلونَ وإن غنتْ كؤوسهمُ= كـالأنبياءِ بنورِ الخمرِ قد عبقوا
والحورُ أحلامي السكرى تغازلني= حيناً وتمزحُ أحياناً، فتأتبقُ
هنَّ الحياة التي لولا تألقها= لما تغنى بها ناسٌ ولا عشقوا
أجسادهنَّ مرايا! ينبضُ العبقُ= فيها، ويضحكُ من نظراتها الورقُ
سكرى، يكادُ عليها رغم ملبسها= من النعومةِ حتى الضوء ينزلقُ
أما النهود!! فلا تذكر تدللها= إلا إذا ضقتَ في دنياكَ يا خفقُ
كفّوا عن اللوم يا صحبي فما سلمتْ= لي ألأصائل لولا ذلك الغرقُ
قد جئتُ للكون عرياناً .. لو ان شذا= الأحساس عن جسمي المحموم منعتقُ
والحبُّ يأكل أضلاعي، ويسحقني=شوقٌ بأحداقهِ الأثداءُ والشبقُ
لم لا تكفون؟ أنتم من رأى كمدي= فما يقول بلومي العابر النزقُ
الخيرُ أن تسكروا حولي وتبتسموا= وتحْطموا الشجن القاسي وتنطلقوا
دقوا الكؤوس بكأسي غير صاحيةٍ= صبحاً، ولا تذكروا الأيام، وأغتبقوا
لا تحلموا ان تذبل الكأس ذابلةً= فما بينبوعها الزاهي قذى رنقُ
عيناي من قدحات الخمر لامعةً= وذي الدماء من الأعناب تندفقُ
دمي على الهجر، مشنوقٌ لكم قسمٌ= إذا لغيري، بذي الدنيا دم يققُ
من ديوان أشرعة الجحيم
النجف كانون الأول 1960
وعذراً لما فيها من أخطاء
آخر تعديل عادل الفتلاوي يوم 01-29-2010 في 07:45 PM.