شُفيتُ منَ التّعلّلِ بالأماني مُدانٌ إن شُغِفتُ بحبِّ ذاتي = مدانٌ إن رَكَنتُ إلى الطُّغاةِ مُدانٌ إن صَبَوتُ وهِمتُ جَهلا = مُدانٌ إن عَكَفتُ على صَلاتي مُدانٌ لو رَضيتُ العيشَ صَمتًا = مدانٌ لو بَكيتُ على رُفاتي سأخرجُ يا زمانًا لا يَراني = سوى وعدٍ على شَفةِ الوَفاةِ سأخرجُ من عُيونٍ طارَدَتني = بأسواطِ الظّنونِ السّاخِطاتِ سأخرُجُ يا نِظامًا بربريًا = ينالُ مِنَ الضّحيَّةِ لا الجُناةِ فلي أهلونَ في حُرِّ الفَيافي = ولي شَرَفُ التَّصَعلُكِ في الفَلاةِ ولي بيداءُ لم تجهَل رُسومي = تُجَمِّعُني إذا طَلبوا شَتاتي ولي في صَدرِها خَلَجاتُ صِدقٍ = تُهَدهِدُني وقد كَثُرَت غُزاتي ولستُ أرومُ ماضيها افتخارًا = ولكنّي سَئِمتُ تَناقُضاتي عزيزًا أبتغي ما لم يَكُنّي = وحيدًا أستعيدُ تأوّهاتي نُفيتُ؛ فكيفَ لا أنفي غِيابي؟ = رُميتُ؛ فكيفَ لا أرمي رُماتي؟ غُزيتُ، فقلتُ لا نامت عيوني = وقد أمسى غُزاتي هم قُضاتي غزيتُ، وكلُّ من حولي خَصيمٌ = تَحاماني، وكم يرجو مَماتي على خُبثٍ يُراوِغُني سلامًا = وخَلفَ الظَّهرِ يَنصُبُ راجِماتي عَنيدا سوفَ أخترِقُ المعاني = وأبرأُ من كثيرِ تَساؤُلاتي سأعصِرُ حِكمَةَ الأيامِ عَصرًا = بأهلِ العُهرِ لا تُجدي أناتي سأخرجُ من زمانٍ ليسَ مِنّي = يقاتِلُ بالحياةِ صدى الحياةِ سأملأ للحوادثِ كأسَ مرّي = بعصرِ الشّكِّ لا تُجدي عِظاتي نُعيتُ ولم يَزَل في الجَمرِ جَمري = فكيفَ ألامُ إذ أنعى نُعاتي؟ وقد عاشوا زمانًا لم يَروني = سوى شَبَحٍ تُناقِضُني صِفاتي بعيدًا عن تُرابي عن جُذوري = غَريبًا في ظُنونِ الكائِناتِ طَريدًا لا يَنالُ سوى لِهاثٍ = ولا يقفو سوى مجدِ الحُفاةِ سأخرُجُ يا زمانًا خانَ خَطوي = وأسلَمَني لقصفِ الطّائراتِ سأخرجُ طاهرًا مِنكم ومنّي = فليسَ يَليقُ بي زَمَنُ البُغاتِ شُفيتُ منَ التّعلُّلِ بالأماني = وعُذتُ بِصَحوَتي من ذِكرياتي وقد عفتُ المَسيرَ بظلِّ إرثٍ = تساقَطَ من ذُيولِ العائلاتِ سأخرجُ من رباطِ العُذرِ قسرًا = لَكُم أسماؤُكم.. لي خارِطاتي سيرسمُ دجلتي للنّيلِ أفقًا = ويصحو من صَدى نيلي فُراتي من الصّمتِ الذي لا صمتَ فيهِ = من التّاريخِ جبّارٌ وعاتي من "البلد الحرامِ" "الشّامِ" "صَنعا" = إلى "قُدسِ" اللّيالي الواعِداتِ سأقطِفُ غَضبتي من شَمسِ نَزفي = ومن دَمعِ الثّكالى أمّهاتي سأخرجُ من جُنونِ الموتِ صَمتًا = سأخرجُ من بَريقِ اللّافِتاتِ سأخرجُ من كلامٍ ما شَفاني = وأسلَمَ طِفلتي للقاصِفاتِ سأخرجُ من بيانٍ كم سَباني = وصبَّ رصاصَهُ يغزو جِهاتي سأحملُ فوقَ كفّي روحَ روحي = فلي حُرُّ الرّدى ماضٍ وآتِ هما خوفانِ قد ماتا بِصَحوي = وتوديعي عهودَ تهيُّؤاتي فما أخشى ومِسكُ الرّوحِ نَزفي؟ = وما أبغي بدُنيا الموبقاتِ؟ وما حُلُمي إذا ما سادَ بغيٌ = وصارَ الحُكمُ في كفِّ الحُواةِ؟ وما مَجدي إذا التّاريخُ أضحى = يُسَطّرُهُ عَشيقُ المومِساتِ؟ سأخرجُ من سُباتي من رُكوني = سأخرُجُ من هَباءِ الأمنِياتِ سأخرجُ مِن حِصارٍ كَم رَماني = بآلافِ الوعودِ الخادِعاتِ سأخرجُ من حُروفٍ لم تَقٌلني = وكَم قُلتُ الحُروفَ مُحنّطاتِ سأخرجُ مِن نِداءٍ ما اعتَراني = ساخرجُ من غُبارِ تَداعِياتي بكَت "بغدادُ" فاستدعَيتُ دمعي = ليخذُلَني، ويسكنَني مَواتي وقامَ "الشّامُ" يستَسقي غليلا = فعزَّ لديَّ نَزفُ الصّافِناتِ وجفَّت في "الحِجازِ" مُعلَّقاتٌ = فما يُغني غَريبُ التّرجَماتِ؟ وناحَ "المغربُ العربيُّ" ظُلمًا = وكنتُ أسيرَ ظِلِّ موشّحاتي تئنّ "القدسُ" ملءَ الكونِ نزفًا = لها أعدَدتُ صَبرَ مخَيّماتي سأخرجُ شاهرًا إنسانَ نَفسي = وإيمانَ القلوبِ الصّادِقاتِ سأخسَرُ إن خَسِرتُ ظِلالَ عَيشٍ = وأغنمْ إن غَنِمتُ خُلودَ ذاتي