اليومُ اختبارُ اللهِ
حين أحملُ وزرَ الحزنِ
ولا أكُفُّ عن البكاء
اليومُ إذ تبدأ رحلةُ المغيبِ
تُجافيني السماءُ ولا يزورني المطر
اليوم يصيبني هوسُ الماء
سأحاول امتصاصَ ما تبقى من رحيقِ أنفاسِها في الدار
سأخبرها أن لا أحد لي إذا أغلقتْ عليّ الباب
سأرجوها ألا تمضي إذا ما جاء موعدُ الإياب
اليوم اختبارُ الله لي
إذا ما عجزت عن فهمك يا سيدة النساء
اليوم إذ تلعثمت الحروفُ وصعبَ عليكِ الكلام
أوبّخ عقلي الذي لم يجاريك
لم أفهم كيف تأتّي لكِ فهمي حين أرضَعْتِني ماء الحياة
وأنا الذي لا حول لي ولا قوة إلا
بما لديك من السماء.
اليوم من لي سواكِ
حين يطاردني شبحُ الغياب
لا عينان في وجهي
لا شفتان
لا يدان
كلُّ ما فيّ ليس لي
لا معنى للأشياء في لغتي
لا صَحْبٌ يواسي غربتي
لا منديلٌ يمسح دمعتي
اليوم لا أجيدُ النطقَ
لا أقرأُ ، لا أفهمُ ، أضحكُ كما كنتُ طفلا
لا يعرف ماهيّة الأشياء.
أنتظرُ وجعًا خفيفًا يُبكيني
فتأتيني تُهدهِدين روحي وتَهِبينني البقاء.
يأتيني وجعٌ أشد وطأةً من احتمالي،
كبرتُ ، شختُ ، وما زلتُ أبكي انتظارا
لعلّها تنطق بسؤالٍ عن حالي
تمنح بسمة لأطفالي الأشقياء.
اليومُ لا فرق إن كنتُ حيًا أو ميّتًا
فقد ضاقت عليّ الأرضُ بما رحُبَت
وخوفي الأزليُّ عليها ما منه شفاء.
يا ربُ يا عالم الغيبِ
بَشّرني بغدٍ مشرق
تكونُ فيه حاضرةً
واجعل لها من عمري سِقاء .
اليوم اختبارُ اللهِ
إذ تخنقني العبراتُ
والغُصّةُ تُحَشْرِجُ نُطقي
كما حَشْرجَ صوتََها انسدادُ الأفقِ في الشرايين
اليوم اختبارُ اللهِ يا أمّّ الكوّنِ
حين تمسي روحي عالقةً ما بينكِ وبينك
أبتلع الصبرَ حصىً خشنةً تمزق طريقها
وأبكي حين يصعبُ عليكِ ابتلاعُ الماء.
اليوم اختبارُ اللهِ
لأصدّق ما لا يُصَدّق
لأقول ما لا يُقال
لأغرق في الدمعِ
وأغنّي ما تحبينَ من أغاني الحزنِ القديمة
أترنمُ باسمكِ فيبكي وحدهُ الموّال
اليوم اختباري أمام الله
والويلُ لي إن عجزت أمام شريانٍ
سُدّ في وجه الدماء.