لست مجنونا وحسب بل لديك مقدرة مذهلة على استحضار الجان والشياطين والمردة..
حين نرى لوحة .. نقترب منها للتأكد مما إذا كانت تظهر فيها ريشة الفنان أو لا لنكتشف حقيقيتها من ضربات الريشة وكلما كان الفنان بارعا كلما أخفى تلك الضربات إلا أنه يترك لنا عامدا بعض ضربات ريشة واضحة المعالم لنصدق أن هذه لوحة ..
ولكن ماذا بـ بانوراما كاملة ماذا بشريط سينمائي يمر أمام أعيننا بدّقة غريبة وكأن المخرج والمؤلف والسينوغرافيك والمصور والمؤدين عبارة عن حشد من الشياطين توحدوا بقدرة تخاطر شيطانية لكونوا شخصا واحدا .. ويصوروا كل مشهد بدقّة وبجزئيات مذهلة وتؤدي دورها الذي يشد المتلقي لدرجة الإنبهار وبذات الوقت تعطي الأختام والمواثيق لمصداقية الحدث ..
لكأن ابن الروحي يصور لنا أحد مشاهده بكل ما فيها من دقة .. ببراعته العالية ليجعلنا نرى بأعيننا ما رأى هو
وهذا عمر مصلح يتلاعب بمخيلاتنا وبحواسنا لكأنه استطاع خرقنا جميعا يغرّب بنا متى شاء ويشرّق بنا أنّا شاء
بدهاء لم يسبق عليه وبسوقه لتلك الجزئيات التي تجعلنا بصلب الواقع دون أن نشك للحظة أننا أمام كلمات
(مَسَحَتْ حبات العرق التي نزَّت من مسامات جبيني بيد ، وهزَّت كتفي بيدها الأخرى،
استغفرتُ ربي ، وتمتمتُ بالمعوذات ..
وأشعلتْ لي سيكارتي بيد مرتعشة وقالت )
(تملّصتْ من يدي وراحت تجس إطارات واسطة نقلنا الجديدة )
( وعلى قائدها أن يضع باطن قدمه على العجلة الأمامية ، حين يبغي التوقف ، بدلاً عن الفرامل التي تقاعدت عن العمل مذ عهد الكونت دي سفراك ) (فاحتضنت خصري وطرحت رأسها على كتفي بفرحة طفل .. ضغطتُ على الدواسات بعد أن رفعت بنطالي كي لا تتعشق أطرافه مابين الجنزير وعجلة الحركة المسننة .. فدارت العجلات تاركة أثراً على رصيف باب بيتنا كخط دلالة لاتجاه المسير .. )
(ومع كل انفجار تتشنج اليدان المرتعشتان برداً وخوفا ، وتلتصق على ظهري كحقيبتي المدرسية )
(أشعر بخطوط المقعد الحديدي المشبك الذي أجلس عليه خلفه قد تركت آثارها على مؤخرتي)
الشواهد كثيرة والكلام هنا لا ينتهي حقا ولكنني أخذت جانبا من جوانب آلية اللغة المستخدمة هنا
ولا بد من الإشار بالذكاء البارع باستخدام اللهجة العامية في النص فهي تزيد من الحميمية والتحبب والاندماج بمكان وزمان النص وشخوصه ..
وتعطي أيضا مصداقية حتى نخال أنفسنا أمام حكاية جرت مئة بالمئة بكل حذافيرها وجزئياتها وتفصيلاتها ..
الفنان القدير والرسام الخطير والأديب النحرير عمر مصلح لا أستغرب منك هذا فمازال لديك الكثير وأنا أعلم ..
وأتوجه بسؤال المقطع الأوسط الذي ترويه سولاف هل هو من كلماتك أم من كلماتها هههههههههه
وأتوجه لها بتحية كبيرة جدا وتقديري لشخوص نصك جميعهم
أخرج من هنا والكثير من الدهشة في جعبتي ..
ونتابع
التوقيع
أنا شاعرٌ .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز .. أترجمه أحرفا وكلمات لا للتطرف ...حتى في عدم التطرف
ما أحبّ أن نحبّ .. وما أكره أن نكره
كريم سمعون