المقاربات الوجدانية في تكوين الفكرة النصية داخل الخطاب الشعري عند الشاعر عبد الرسول معله
أن التوازي الدلالي في أفقية النص يعطي بؤرة متناظرة مع البعد التأويلي لمركزية المعنى في امتداد المدلول المتقارب الى الإيحاء بالفكرة النصية التي يرتكز عليها هذا التأويل لأن البعد الصوري في ذهنية التفسير الموحي بأبعاد المساحة الذهنية داخل النص يعتمد بشكل كبير على سيميائية الصورة البصرية وهذا ما يجعل هذه البؤرة مركز جذب لتكثيف وإيجار المعنى , والذي يعطي الجملة الشعرية إشعاعية الرؤيا التي تكون أبعاد القصيدة وفكرتها المشهدية المتجاورة الى الحدث الذهني الذي أنتج النص في لحظة تصادم الذات مع جميع المسميات الخارجية كمرحلة انتماء أو مرحلة اختلاف وهذا طبعا يعمق الرؤيا بكل الأبعاد الوجدانية لهذا نجد الشاعر عبد الرسول معله خضع كل المسميات الى الهواجس الوجدانية وكانت نصوصه متقاربة في الفعل المرتد أو المنعكس في التوافق الخطاب الشعري لديه مع تقنية الصور الذهنية من خلال الترابطي ما بين فكرته والمسميات حوله بطريقة التصور الدلالي ...
في نصه همسات تائهة في ظلام الليل
أهَـــــدّئُ فــيـــكِ مُــضْــطــربَ الــخــيــال
و أســـحـــقُ كــــــلَّ أفـــكـــارِ الــمُــحــالِ
و لا أرجــــــو مــــــنَ الـلـقــيــا مـــنــــالاً
ولا أبــغـــي لـنـفـســي مِــــــن وصــــــالِ
لــــقــــد كــــانــــت أمــانــيــنــا عِــــذابـــــاً
وحـلــمــاً رائـــعـــاً فــــــي ذي الـلـيــالــي
تـسـامِــرُنــا الـــحـــروفُ بــــــلا نـــفـــاقٍ
و كـــم يـقـسـو الــزمــانُ فــــلا نُـبـالــي
ونــضــحــكُ لا ســفــيـــهَ إذا الـتـقـيــنــا
يـنـغّــصُ فـرحــتــي فـيَــســيءُ حــالـــي
أسـائِــلُ عــــن هــــواكِ و عــــنْ مــــداهُ
و عن عُمري القصير و ما جرى لي
وجــــــدتُ سـنـيــنَــه كـــانــــت ســـرابــــاً
تـــــــــــراءى ثـــــــــــمَّ راحَ إلـــــــــــى زوالِ
إذا مـــا غـبــتِ عـــن قـلـبــي الـمُـعَـنّـى
يـــزيـــدُ عـــذابُـــه فـــــــوق احـتــمــالــي
و كــم تقـسـو عـلــى عَـيـنـيْ حـــروفٌ
وقـــــد خُــطّـــت بـحــبــرٍ مـــــن لآلــــــي
فـظـلـتْ دمـعـتـي فـــي الـجـفـنِ تـلـهــو
وتـبـرقُ فــي اليـمـيـن وفـــي الـشـمـالِ
و فـي الأضـلاع مُضْنـىً ظـلَّ يـضـرى
بـــنــــارٍ مــــــــن بــــعــــادك وانــعـــزالـــي
هــــــدوءُ الــلــيــلِ نـقــضــيــه حـــيــــارى
و جُــرحُـــكِ قـــــد أبــــــى أيَّ انـــدمـــالِ
فـهـل نـبـقـى عـلــى مـــا فـــاتَ نـبـكـي
و يــقــتـــلُ حــبَّــنـــا مــــــــرُّ الــلــيــالــي
فــــلا تَــدَعـــي الــعـــذولَ يــزيـــدُ نـــــاراً
فـيــفــرحُ مِـــــنْ عِــنـــادِكِ و امـتـثـالــي
فــهــذا الـقـلــبُ قــــد أضــنـــاه شـــــوقٌ
فـنــجّــيــهِ مِـــــــنَ الـــــــداءِ الــعُـــضـــالِ
و هـاتــي مـــن دنـانــكِ عَـــذْبَ خــمْــرٍ
لـــكـــي أحـــيــــا بـــكــــأسٍ مـــــــن زُلالِ
فـقــد جـــاءتْ عـلــى بُـعْــد ٍحــروفــي
لـتــعــزفَ نـغــمــةَ الــسِّــحْــرِ الـــحـــلالِ
فـــلـــي فــــــي كــــــلِّ خــافــقـــةٍ نـــــــداءٌ
وهـمــســةُ مُــغْـــرَم ٍيـــدعـــو تــعــالــي
الشاعر هنا يعتمد على تكوين النص على أفقية الفكرة التي تعتمد كليا على أتساع الخيال ضمن ذائقة الوجدان وعلى حوارية هذا الوجدان مع علاقات الترابط الظاهري التي تعطي الحدث العاطفي ابعاد صورية في تركيب النص عند الشاعر , والحوارية هنا في هذا النص تبين حجم الترابط ما بين ذاته المتشظية مع من يحب بطريقة أنتمائية متقاربة مع أتساع مشاعره الموحية في الدلالات الرؤيوية التي تكون النسق الرمزي داخل القصيدة , فنجد في بداية القصيدة التصوير الخيالي الذي يجذب كل المعاني المنساقة ضمن مساحة الوجدان برموزها الحياتية وضمن المسميات الاقتراب من الأخر (هَـــــدّئُ فــيـــكِ مُــضْــطــربَ الــخــيــال /و أســـحـــقُ كــــــلَّ أفـــكـــارِ الــمُــحــالِ ) والاعتماد هنا على الخيال التصوري في رسم الحدث النفسي داخل روح الشاعر وهذا ما يحرك الأبعاد الأخرى خارجية التي تحدد محورية الحواري داخل الذات , لن الشاعر ينساق ضمن الخيال لكي يعطي الأخر العمق المرسوم داخله علة مدى أقترابه من وجدانه الداخلي
(أسـائِــلُ عــــن هــــواكِ و عــــنْ مــــداهُ /و عن عُمري القصير و ما جرى لي )
ويستمر الشاعر هنا في أفقية الحوار ليبن مدى ما يعني الأخر من المعنى داخله و أتساع هذا المدى داخل روحه وهذا ما يعطي الى الرموز المستوحيات بتفرد الحبيب داخله من خلال كبير هذا الانتماء في حياته الى الأخر وقصر الحياة التي يعيشها وهذا ارتفاع في بعنونة الذات ضمن الأخر كأنه الرمز الحي داخله (
(و فـي الأضـلاع مُضْنـىً ظـلَّ يـضـرى /بـــنــــارٍ مــــــــن بــــعــــادك وانــعـــزالـــي )
فهذا الحبيب يعني له الالتصاق الكامل بالذات مهما أبتعد أو أقترب فأنه وجوده داخله لا يتغير بتغير الظروف بل هو محكوم به في كل الحالات التي يعيشها لأنه بعده لا يستطيع أن يكون الحياة داخله و لا يستطيع العيش إلا بالعزلة والإخفاق بكل الحياة من بعده و وهنا يريد الشاعر أن يوحي بأن الحياة لا يريدها من دونه لأنه كل عنصر الحياة داخله , وهذا ما يعطي الرمز الوجداني أتساع بالإشارة الى الدالة وفق مدلول الذات المكونة من التصور المتقارب مع باطنية الانتماء لأنه بعده لا يعيش الحياة بكل اختياراتها الحية إلا بنار العزلة .
(فــهــذا الـقـلــبُ قــــد أضــنـــاه شـــــوقٌ /فـنــجّــيــهِ مِـــــــنَ الـــــــداءِ الــعُـــضـــالِ )
والشاعر هنا بعد أن أعطى المعنى التوصيفي بالانتماء الى أخر ضمن حركة الحياة الخارجية يعطي هنا الأبعاد الذاتية ولكن من الداخل ومدى تأثيره على روحه وتشظيه الداخلي لكي يؤكد التوافق الدالي بين الخارج والداخل ومدى تأثير من يحب على داخله بكل هذا المعنى التصوري في البعد النفسي التأثيري ومن خلال اللغة الصوفية التصورية في أنتباهات الذات المحبة وكم هي متعلقة بمن تهوى وتعشق...
(فـــلـــي فــــــي كــــــلِّ خــافــقـــةٍ نـــــــداءٌ /وهـمــســةُ مُــغْـــرَم ٍيـــدعـــو تــعــالــي )
فبعد أن أعطي التوصيف الدلالي بمدى تأثيره في حالة غياب الحبيب أو هجره , يعود هنا يبين أنه متمسك به وينظر عودته في كل خافقة نداء وكأنه قريب إليه ولا يحتاج إلا أن يسمع نداءه وهذا ما يعطي البعد النفسي التركيبي في رسم التقارب الفعلي في دالية الانتماء الى الحبيب فهو مازال يهمس إليه والهمس هنا إلا إيحاء بقربه الى روحه , والشاعر عبد الرسول معله أعتمد التصور الإيقاعي في تركيب الصورة الشعرية وفق التأثير الأفقي في تكوين الهاجس الشعري لديه كاشفا عن الدلالات في سيميائية الانتماء والبناء الهرمي في إيصال فكرة الرؤيا المكونة للنص ومن خلال اندماج الإيقاعي لهذا التوصيف الدلالي الأفقي في الإيحاء الى عمق المدلول الذاتي , أي التسلسل البنيوي في شعرية الإيقاع في تقارب الصوري داخل النص والتقارب الوجداني في تركيب الخطاب الشعري .