يا قدسُ نوحي على بغدادَ وانتحبي
عاث المغولُ وفي ساحاتها انتشروا
يا قدسُ إن حمى بغدادَ سائبةٌ
كأنما أهلُها قد نابهم خورُ
عاد المغولُ بهذا العصرِ ثانيةً
تاريخُنا فيه ما يكفي لنا عبرُ
سلبٌ ونهبٌ وتقتيلٌ ومحرقةٌ
والنارُ تطغى وفي الأرجاءِ تنتشرُ
والفتنةُ انتشرت لا شيءَ يُخمدُها
والدمُّ يجري ودورُ العلمِ تندثرُ
والماجداتُ ذرفنَ الدمعَ واأسفي
صار الأعزاءُ أشلاءً وما قُبِروا
حتى المتاحف لم تسلم وقد سُلِبتْ
أهلُ الحضارةِ لم يُبقوا ولم يذروا
جاءوا بدعوى من التحريرِ زائفةٍ
لكنّهم بطروا .. في غيّهمْ فجروا
تبّاً لحريّةٍ قد ضيّعت وطناً
سحقاً لحريةٍ للعدلِ تفتقرُ
هذا احتلالٌ لإرضِ الرافدينِ طغى
أدمى قلوباً من الآلامِ تعتصِرُ
فالنفطُ والمالُ واستعمارُ أمتِنا
قصدٌ دفينٌ أبانت وجهَهُ الصّورُ
أبناءَ يعرُبَ جربنا تخاذلَكم
وزالَ عنكم لثامُ العزِّ فانتظروا
غزواً وذُلاً وتشريداً ومسغبةً
هذا لِمَنْ باعَ إخواناً لهُ قدرُ
قدمتُمُ الأرضَ والأجواءَ في كرمٍ
وهل ذنوبٌ بهذا القدْرِ تُغتفرُ؟
تاريخُ أمتنا قطعاً سيفضحُنا
لو كان فينا حليمٌ كان يعتبرُ
وجارةُ السوءِ قد عاثت بتربتِنا
إفسادُها ضجَّ منهُ النّهرُ والشّجَرُ
يا من أتيتَ على دبابةٍ دنِست
أرضَ العراقِ ألا تنتابُكَ الفِكَرُ ؟
بعتَ العراقَ ببخسٍ لا مثيلَ لهُ
من أجلِ ماذا توالي جيشَ مَنْ كفروا ؟
من أجلِ مالٍ رَبا ما زلتَ تعبُدُهُ
تبّاً لمن خاننا... معبودهُ " الدُّلَرُ "
دماؤنا سُفِكت في حضنِ تربتِنا
فأنبتتْ ثلّةً بالسيفِ تفتخرُ
لهم جذورٌ بعمقِ الأرضِ ضاربةٌ
غداً سيأتيكَ من أفعالِهِمْ خبرُ
الليثُ منهم سيأتي حاملاً دمَهُ
فوق الأكفِّ ولا يثنيهِ مَنْ غدروا
إني أرى زُمرَ التحريرِ قادمةً
من تحتِ أرضِكِ يا بغدادُ قد ظهروا
والفجرُ آتٍ ولن نبقى بظلمتِنا
إن الظلامَ أمامَ الفجرِ يندحرُ