لا أعرف لماذا تخيلت النهر مصابا ً بالجدري ، أملس خابط لاشيء ينعكس عليه ،
ضفتاه أشبه بفقاعات جلدية متورمة متباينة الأشكال والحجوم ، ثمة أشواك متناثرة لاتختلف عن هامات الصلعان الذين تحدهم من الجوانب بعض الشعيرات الجاثمة فوق آذانهم ، على مقربة من النهر رجل بدشداشة بيضاء أخرج من جيبه مسبحة سوداء، طقطق خرزاتها بصوت مسموع ثم أعادها إلى جيب آخر ، ثبت عقاله فوق يشماغه ولوّح بيديه باتجاهات مختلفة ثم أسبلهما ، التفت إلى جهات مختلفة كلم النهر بلغة غريبة تشبه لغة الجان ، أنا متأكد انه لم يشاهدني إطلاقا ً ، استل جسمه فجأة وتنصل من ملابسه ، الدشداشة ظلت ْ متسمرة في الهوا ء، وفوق الياقة بمسافة وجه تقريبا ً يجثو عقال فوق يشماغ ، التفت ما تبقى من الرجل إلى الخلف ،صعد الماء فوق مستوى الضفة بأكثر من نصف متر يراقب الموقف ثم عاد إلى وضعه الطبيعي فيما سقطت الدشداشة أرضا ً وكأنها كانت منشورة على حبل غسيل وانقطع فجأة .
سقط فوقها العقال واليشماغ مغميا ً عليهما فاحتضنتهما والتفّت ْ بانتظام وكأن رجلا ً قد رزمها بعناية ، لا أحد بقربي كي يكون شاهدا ً على ما أرى ، صارت ْ الملابس بحجم كرة القدم أو أصغر بقليل ، جاء كيس ورقي منفوخ فاغرا ً فاه يدفعه الهواء بترو ّ ، ابتلع الصرّة وأطبق عليها بأحكام واستمر ما تبقى من الرجل يتدحرج..يتدحرج..يتدحرج ...يدفعه الهواء بعيدا ً عن النهر .....