قالت رفيقتي /
الدنيا
أراك أيها الشاعر الفيلسوف المفكرتلبس عباءة الحزن و اليأس ، و كأن لا شيء في هذه الدنيا يعجبك ؟
قلت :هي مرعى خصب للحيوانات التي لا تعي شيئا ..تعيش لتأكل و تشرب و تتكاثر وتفسد و تنام ، أما المفكرون المفيدون و هم للأسف قلة فيحملون على أكتافهم عبء هذه الحياة التي لا تسر و لا تفرح و لا تؤشر اطمئنانا دائما . انها لعبة و نحن أحجار بها تلعب بنا كيف تشاء ، و لا مفر ولا حيلة ، و لكن كفتي الفريقين متوازنة ، فمن جهل حقيقتها عاش أكثر سعادة مثلما تسعد بقية المخلوقات التي لا عقل لها ، و من أدرك كنهها نال متعة الاكتشاف و معرفة ما يحيط به و ما تخطط له ، و هل يستوي من يعلم و من لا يعلم ؟
الدين
قالت :يقال أن أهل الدين هم أكثر سعادة في هذه الحياة ، فلم لا يعتنق هذا الدرب الجميع و تكون الرحلة آمنة؟
قلت : الدين سد فراغ يشعر به الانسان ، وسد حاجة يحاول من خلالها القضاء على ما يؤرقه ، انه يحاول أن يخلق له راعيا و مراقبا و موجها و ما يمدد في حياته و لو بعد الموت ، أنه مخلوق لا يقتنع بشيء فكيف له يقبل حياة دون المئة عاما. لقد اتخذ له اله متعددا ، فمرة حيوان و مرة نبات و مرة شيئ جامد و مرة مالا يشخص ، و الغاية البعيدة هي الحلم بالخلود ، أو الافلات من النهاية الأبدية . و لكن الأخطر في الدين أن يصبح معطلا للعقل و مكبلا للأ حلام و الأمل ، ومانعا للتفكير و العمل و الابداع ومبعثا للكراهية و التمييز و الترهيب ، و مقيدا للحرية و الانعتاق .
الاسلام
قالت : ولكن أينطبق كل هذا على الاسلام ، أم هو يستثنيه ؟
قلت : والله أنا مسلم ولا أخفي ذلك ، و هذا عن اقتناع و فهم ، و لكن هذا لا يمنعني من الوقوف وسطا ، و أمسك بغصن المنطق ، لأن لي وجهة نظري الى الاسلام . أن الاسلام الحقيقي هو بعيد عما قلناه عن مجاري الدين بصفة عامة من سلبيات ، ولكن الاسلام كما ألبسه الجاهلون و المتعصبون ثوبا غير ثوبه هو أخطر . أن الاسلام هو حرية و محبة و ابداع و اتقان و تفكير و مساواة و اخاء و يسر و منطق و عقلانية ، و هدوء و طمأنينة ، و مقاصد شريفة و نظيفة ، وعدا هذا هو مما ألصق به من أعداء في ثوب أحبة .
التوقيع
تـذكّـــــري مَـن لم تُحِـــــبِّيـه = والقلبُ أنتِ دائِــمًا فــيـهِ
ديْن عليكِ سوف يبقَى عالقًا = وليس مِن شيءٍ سيُلغيهِ
العربي حاج صحراوي .