ذكرته رائحة التفسخ التي انتشرت في الغرفة بحادثة الأمس،فقد فرّ مع زوجته حين ابصرا على إحدى مصاطب المتنزه هيكلان عظميان يتبادلان قبلة حالمة،كل ذلك حال دون قدرته على النوم،فما زالت الخواطر المخيفة والروائح النتنة تحتضنان الغرفة بجناح حالك السواد،تردد قبل أن يقترب من زوجته الغافية بجانبه،فخمن أن تكون الرائحة تنبعث منها،أيقظها وسرعان ما أكدت بان النتانة تنبعث من جسده،كذب ما تقول ودخلا في نقاش فارغ استمر حتى الصباح،قل الغوا والعناد فقرر أن يخرج عسى أن تستنشق رئتاه عذوبة نسيم الصباح،في الشارع كانت النتانة ابشع بحيث كانت تنبعث من المارة الذاهبين إلى أعمالهم والغير مبالين لأجسادهم البشعة وبطونهم المنتفخة،كلهم غير مهتمين،حاملين حقائبهم ويسيرون ببطيء دون أن يتنبهوا لجلودهم التي تدلت كخرق مهترئة،أهاله أن يفكر بالذهاب إلى العمل فقرر أن ينزوي في غرفته،وهناك تنبه للانتفاخ الغريب لبطنه والتفسخ الجزئي لجلده،كانت النتانة قد أطبقت على فضاء الغرفة فصار يستجدي ذرة من الهواء النقي ولكن دون جدوى،اخذ يحدق في كل شيء،رائحة الموت، جلده المتساقط تدريجيا،عيناه اللتان أخذتا بالجحوظ حتى تدحرجتا على أرضية الغرفة كبلورتين،الظلام يلف المكان،رأسه خاو إلا من فكرة النوم،فراح في إغفاءة طويلة تلاشت خلالها كل الروائح والصور،صحا فوجد إن النتانة قد غادرت المكان،تحسس جسده فتنبه لطقطقة العظام،حدق لنفسه فوجد بأنه قد صار هيكلا عظميا،جاءه صوت الزوجة من المطبخ نقيا حالما يدعوه لتناول طعام الفطور،ضحك مع نفسه حين تراءت له لقمة الطعام النازلة مباشرة إلى الأرض دون هضم،خرج من الغرفة بهدوء كي لا يرعب المرأة بمنظره،وعندما اطل عليها وجد أن من يعد طعام الفطور ليس إلا هيكلا عظميا.