مما قرأت
*********
قيل أنّ ملكا استدعى ثلاثة من مساعديه وطلب منهم أمرا غريبا ..
إذ طلب من كلّ واحد أن يأخذ كيسا كبيرا و يذهب إلى بستان القصر و يبدأ بملء ذلك الكيس
للملك من مختلف طيـّبات الثـّمار والزروع وقد كان البستان مليئا بها ثمّ قال لهم بحزم شديد:
إيّاكم أن تستعينوا بأحد في هذه المهمة أو تسندوها إلى شخص آخر مهما كان.
استغرب المساعدون الثلاثة من طلب الملك إلاّ أنـّه ما كان عليهم إلاّ التـّنفيذ
والانصياع لأمره فأخذ كلّ واحد منهم كيسه وانطلقوا جميعا للبستان .
فأمـّا المساعد الأول فقد حرص على أن يرضي الملك فجمع من كلّ الثمرات
ومن أفضل وأجود المحصول وكان يتخيـّر الطيـّب والجيـّد من الثـّمار حتـّى ملأ الكيس .
أمـّا المساعد الثـّاني فقد كان مقتنعا بأنّ الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه
وأنـّه لن يتفحـّص الثـّمار فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتخيـّر الطيـّب من الفاسد
حتـّى ملأ الكيس كيف ما اتـّفق .
أمـّا المساعد الثالث فلم يعتقد أنّ الملك سوف يهتمّ بمحتوى الكيس أصلا
فهب بملئه بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار .
وفي اليوم التـّالي أمر الملك أن يؤتى بالمساعدين الثـّلاثة مع أكياسهم التي ملؤوها حسب طلبه
ولمـّا حضروا نظر الى رئيس الجند وقال له :
خذوا المساعدين الثلاثة وضعوهم في السجن لمدّة ثلاثة أشهر
ولكن كلّ على حدة وليأخذ كلّ واحد منهم كيسه معه إلى السجن ..
وإيـّاك ثمّ إيـّاك أن يصل إليهم أحد مهما كان ، وامنع عنهم الأكل والشـّرب طيلة هذه المدة .
وتمّ تنفيذ أمر المك بحذافيره .
حبس انفرادي لكل منهم مع الكيس الذي ملأه من بستان القصر لا طعام ولا شراب لمدة ثلاثة أشهر .
فأمـّا المساعد الأول فقد ظلّ يأكل من طيبات الثـّمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة.
وأمـّا المساعد الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة وضنك ومعاناة شديدة
معتمدا على ما صلح فقط من الثـّمار التي جمعها.
أمـّا المساعد الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول.
والآن
ولله المثل الأعلى : مساعد الملك هو أنت ،
والبستان هو الدّنيا ،
والسّجن هو قبرك ،
فاسأل نفسك مثل أيّ مساعد أنت
أنت الآن في بستان الدّنيا لك الحرية المطلقة أن تجمع من الأعمال الطيبة
أو الأعمال الخبيثة ولكن ماذا تفعل غدا
عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك
في ذلك السجن الضيق المظلم الموحش !!
ستكون لوحدك فماذا تعتقد أنـّه سوف ينفعك
بعد رحمة الله تعالى
غير طيـّبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدّنيا!
والآن قف مع نفسك وقرّر ماذا ستأكل غدا في سجنك
بل جنـّتك بإذن الله تعالى