آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-11-2014, 07:26 PM   رقم المشاركة : 1
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :بسباس عبدالرزاق غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي البوابة

يبدو نائما هذا المصباح المثبت في سقف الغرفة، و عنكبوت نشيط يشيد مصيدة لذبابة مزعجة، و يدعي أنه مشروع بيت. أتوجه بخطى متكاسلة نحو زر المصباح لإيقاظه، يتنهد و يرتعش، يستيقظ كسولا و خاملا، لا يلبث حتى يعود لهيئته الأولى، نائما بسرعة جراء انقطاع الكهرباء.

أفتش في الظلام عن شمعة ، أدخرها لمثل هذه المواقف، أثبتها بصعوبة بالغة على المكتب ، بعد ما أحرقت ذيلها. باردة و جامدة. أغريها بالنار التي كانت تحرقها. تشتعل حبا مثل امرأة تنتظرني. تلتهب النار في قلبها ، و ترسل حبها ليضيء أرجاء الغرفة، تنير دون أن تلعن العتمة، تبكي فقط ، و تشتعل حبا ؛ للحظة مجالسة كتاب أو ورقة. أشبع غريزتها، و أمنحها قبلة على شفاه سيجارة أرهقها الانتظار.

تحسست المكتب في ظل النور الخافت، الذي يشبع غريزة الوحدة، باحثا عن أي كتاب أو ورقة؛ تمنحني رحلة مؤقتة ، خارج هذا الفضاء المسطح. هنا حيث كان والدي يجري دراساته و أبحاثه. لامست يدي مغلفا ملصقا في سقف المكتب من الداخل؛ لم أنتبه له قبلا، أنيق شكله ، و كتب على ظهره: إلى البوابة بني.

لم أستوعب الكلمات ، و رحت أستفسر ما جادت به فلسفتي: هل يستحثني على الموت ، و النوم بجانبه ؟

فتحت المغلف بعناية فائقة؛ هذه اللحظات التي اختليت فيها بنفسي تساعدني على الاسترخاء. بداخله رسالة مطوية؛ موجهة إلي :

-بني؛ عندما تصلك هذه الرسالة ، سأكون غير موجود بجانبك.

هذه الكلمات كافية لتفجر اللحظة، كفيلة بتحطيم المرايا التي تسكنني.

-لم يكن العبور سهلا، و لكنه كان مغريا؛ فعالم من الرقميات ، أجبرني على التواجد بداخله، صافٍ و نقي؛ الزمن بداخله ينحني ، و يصبح لينا بحيث يتضاءل ، ويكاد يتلاشى . إن أردت ملاحقتي ؛ فستجدني عند البوابة. خذ خوذة الأعصاب التي صنعتها ، و أربطها بجهاز التعقب الرقمي، ثم ثبت برنامج البوابة الرقمية في جهازك ، و تتبع تعليمات البرنامج ..و سأعرف لحظة دخولك لهذا العالم؛ لأكون بانتظارك .. أحبك.

أبي ما زال حيا ، كنا نظنه اغتيل من طرف شركة معلوماتية ؛ كانت تريد سرقة عمله.
عالم رقمي ..و لكن كيف؟
لم أنتظر ، و بدأت أجهز للمغادرة نحوه، أحضرت كل ما أوصاني به، و قبعت مكاني ؛أنتظر عودة الكهرباء. و لكن ما الذي سيحدث لو انقطعت؟ لا يهم بقدر ما هومهم ، أن أكون بجانبه من جديد .. ثم لماذا لم يعد؟.

أسئلة كثيرة تقاسمتني ، هي و الحنين إليه في ليلة طويلة. كانت العاصفة بالخارج تعوي ، و تتوعدني. دلف الثلج ، تراقص الريح ؛ مثلما يدغدغني الشوق لحضن أفتقده منذ مدة. الريح يعزف لحنا حزينا ، على أوتار شجرة التفاح ، الصامدة بهدوء في فناء البيت . يتكدس الثلج على شرفة النافذة ببطء ، و يغدو زجاجها يشبه الشمعة ؛ و كأنه يغازلها.
شيئا فشيئا .. بدأت أسلم نفسي لسيد الظلام ؛ لأذهب في نوم عميق.
استيقظت على صراخ الأطفال في الحي. ضوء خفيف يداعب جدران الغرفة. تحاملت على نفسي ؛ لأصل إلى النافذة . تراشق بكرات الثلج، و تماثيل رجل الثلج تزين الشارع الضيق.شيخ يدفع قارورة غاز برجله المنهكة. تتراكم طبقة ثلجية عليها،و يتزايد سمكها؛ معيقة تدحرج القارورة. يهرع شاب ملتحفا رداءا سميكا، منتفخا ليساعده. يسأله:

-هل عادت الكهرباء بني؟

نعم.. الكهرباء. بسرعة أهرع للتأكد منها.ها هو المصباح يغني: نور يا عيني نور.

مستعدا للانطلاق ، و مرتديا خوذة الأعصاب ، كنت أتتبع الخطوات التي تظهر على شاشة الجهاز ، إلى أن وصلت للنافذة الأخيرة: الدخول إلى الكون الرقمي.
نقرت على أيقونة الولوج . و إذ بصعقة كهربائية تداهمني ، و تسري في سائر جسدي. نفق طويل يشبه دوامة كهربائية. كنت أعبر بسرعة عالية، أحس بدوار حتى أغمي علي.

استيقظت داخل زنزانة مظلمة ، على نافذتها عمودان رقيقان ليزران ، يومضان بنور أزرق، و على الباب أعمدة متراصة ؛ لا تسمح بمرور حتى أرنب. توجهت نحو البوابة لأخرج ، أسمع صوتا مبحوحا ينبهني: سيقطعك ، إنه ذو توتر عال.
التفت ناحية الصوت ؛ أجد عجوزا يستند للجدار ، و يحدق بسقف الزنزانة بعينين ذابلتين.. يبرق من خلالهما يأس و حزن. تأملني ، و هو يهم بالوقوف، ينظر نحوي بدهشة تعلو وجهه ، و شفتاه تتسعان ببطء ؛ لترتسم بعدها ابتسامة .. قائلا بنوع من التعجب هتف :

-غير ممكن . أنت؟

احتضنني بقوة ، و هو يقبل جبيني.

-ياسين، بني.

هل يمكن أن يكون هذا والدي؟
كان من الصعب تجاهل تلك اللحظة ، بما حملت من حميمية ، اجتاحتني بمجرد ذكر اسمي.

-أبي .. كيف استطعت أن تبقى بعيدا عنا لمدة سنة كاملة ؟

ابتعد قليلا ، و هدأت ثورته العاطفية؛ ليستسلم لصمت غير معلن. واصلت أسئلتي عن سبب غيابه. إجاباته كانت صادمة ، قال لي:
-في آخر مرة ابتكرت برنامجا ، يساعدني على إعمار هذا العالم البكر. في البدايةكان مجتهدا و مفيدا، و لكن و بعد إنهائنا غالبية البناء ، تمرد ، و أظهر عداءه ،و قام بسجني هنا. ربما مرت على آخر مرة دخلت فيها عشرات السنين.
-أبي.. بالكاد مرت سنة!
-الزمن هنا يصبح منحنيا، فيتقلص ؛ لتصبح ساعة في العالم الحقيقي مساويةلعشرات الساعات. ثم دعنا من ذلك. كيف عرفت أنني هنا؟ و كيف دخلت؟
-رسالتك التي تركتها بالمكتب .
-أي رسالة ؟...نعم نعم .. الرسالة .
قطع حديثنا صوت جندي ، تقدم من الزنزانة ، صرخ بوجهي:
-هيا إلى سيد العالم.
-من؟
قال أبي: الـ .. البرنامج المتمرد.
صرخ بوجهي ، مرة أخرى ذاك الجندي مناديا: أيها المستخدم، هيا.
استقبلني بوجه مشدودة ملامحه، فيها الكثير من الغبطة و الكره ممتزجين على عينيه و شفتيه.
-و أخيرا أتيت .. الآن فقط أستطيع الخروج للعالم.
-ماذا تريد مني؟ و لما سجنتموني؟

أشار نحو جندي يبدو ذا رتبة رفيعة بين باقي الجنود:

-نستطيع الذهاب للبوابة الآن، أحضروا والده ، و الحقوني هناك.

اقتادني بضعة جنود نحو مركبة آلية عملاقة، ثم حلقوا بنا. كانت بادية على وجهه الغبطة . خلف المركبة أسطول من المراكب التي تشبه نوعا ما الطائرات. مع وصولنا للبوابة - عرفت ذلك من حديث الجنود الذين كانوا يتبادلون الحديث بينهم، و هم على أهبة الاستعداد التام- بدأت التعبئة العامة.
أخرجوني مكبلا من المركبة ، و أجلسوني قرب والدي، الذي قال لي:
-هو من أرسل لك الرسالة عن طريق النت؛ يستطيع فعل أمور كثيرة، و الآن يستعد لإخراج جيشه لاحتلال العالم.
-كيف يمكنه ذلك؟
-يستطيع عن طريق كل جهاز ، أن يخرج جنديا ؛ و لك أن تتصور عدد الأجهزة الموجودة بالعالم.
-هل سيصبح إنسانا مثلنا؟
-كل آلة فيها أجهزة إلكترونية؛ يمكنها أن تكون جسدا يستقبل جنديا، أي أن الآلات ستصبح جنسا آخر ، جنبا لجنب معنا، بل سيقوم بسحق البشرية و استعبادها،و لكن ذلك يتطلب منه أمرا واحدا ؛ و ستحققه له أنت.
-كيف؟
-سيعيدك للعالم، و سيطالبك أن تستقبله في جهازك.
-لن أقبل حتما.
-سيهددك بقتلي، و أنا أحذرك أن تنصاع له.

هنا تغيرت المعادلة . أصبحت تائها و حائرا. أبعد أن وجدت والدي ، أقع في اختبار مشابه لهذا؟
احترت عندها.. إن أنا قلبت بخروجه سيدمر العالم، و إن رفضت ؛ سأكون حكمت على أبي بالموت ، بعد غياب و شوق إليه .. أي اختبار وقعت به؟
مباشرة حملني الجنود ؛ لإعادتي للعالم الواقعي. في ثانية من الزمن كنت أمام جهازي، و على شاشته نافذة مكتوب عليها: هل أنت متأكد من إخراجه ..و في أسفلها أيقونتان : موافق على اليمين ، و إلى شمالها أرفض.
اتجهت نحو النافذة ، و استغرقت في التفكير ؛ لما سيؤول إليه الأمر في كلتا الحالتين، كلاهما مر، الحكم بالإعدام على والدي ، أو الحكم على العالم بالموت. يقطع تلك اللحظة صوت قادم من جهازي؛ إنه البريد الإلكتروني.فتحت البريد ؛ لأجد رسالة منه: أسرع والدك أو العالم.
فتحت مكتب والدي ، بحثا عن صورته ؛ لأستمتع بوجهه. قابلتني صورته ، و وجهه البراق الحزين . والدي المسكين الذي واجه الدنيا عاري الكفين، و قد كنت واحدا من ثمانية أولاد، كلهم لاقوا حتفهم، و ها هو الآخر تمعن الحياة في تعذيبه.
قبلت الصورة ، و طبعت على جبينه قبلة ، و وضعتها مقلوبة على المكتب، على ظهرها ألمح جملة واحدة مكونة من بضع كلمات:
للقضاء على البرنامج ؛ ضع فيروس –المدمر.
نعم، هو ذاك .. اتصلت بصديقي فارس القرصان ، و الذي كان صديقا لوالدي،أخبرته بإحضار الفيروس المدمر.

الآن بقى أمر واحد ؛ و هو كيف أعيده ، و أنقذه من قبضته. حضر فارس بسرعة، عند دخوله قال لي:
-ارتدي خوذتك ، و انطلق ، و أنا سأضع الفيروس ، و سأعمل على إعادتكما.
-ماذا تقصد؟
-لقد كنت أساعد والدك على صناعة أجهزته ، و قد استأمنني على الفيروس.
أعطاني هاتفه و قال لي:
-عندما يرن ، أمسك يده.
-من؟
-أيها الغبي .. أبوك من غيره ؟
وقعت أمامهم ، اتجهت نحو والدي بالركض، و ما أن اقتربت منه حتى رن الهاتف، مددت يدي لأمسكه ، و فتحت الهاتف، لأجدني عدت للواقع .. و لكن المفاجأة كانت قوية جدا.
-أنت؟
-لقد خرجت أخيرا.
-و لكن كيف؟
-أخيرا تحررت من تلك العلبة ، و خرجت ؛ لأتنفس هواء نقيا.
بدأت ملامح وجهه تتغير، اسودت .. بدأ بالسعال ؛ ليسقط ميتا.
قال لي فارس:
-أتعرف ما لم يحسب له؟
الإنسان خلق مع جهاز مناعة ؛ ليستطيع الحياة، و مقاومة كل البكتيريا الموجودة في الأرض . أما هذا البرنامج ؛ فهو مصمم للحياة داخل عالم، لا يوجد به تلك الكائنات الجد ضئيلة، و رغم صغرها ؛ أردته ميتا ، لأنه لم يصنع لمقاومتها.







  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::