آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 04-16-2010, 07:41 AM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية عبد الحميد دشو





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الحميد دشو غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي اليوم الأخير

اليوم الأخـير
من النهاية بدأت تنسل خيوط بدايتي مع الحياة .. مع الحب .. و كان اليوم الأخير خير الختام لمعركة الخوف الطويلة التي جسدت الأمل و الخيال حقيقة جميلة في آن معاً !
حلم تجسد أمام ناظري بأبهى حلله ، بعد زمن من الأحلام ، كنت ككل الشعراء الذين يموتون في الصيف ، و يبعثون من جديد في بقية الفصول ، ليبحثوا عن أحلامهم الضائعة في المثاليات ، و يرتبوا رسائلهم الشعرية في ضحكة طفل ساذجة ، أو جسد امرأة لم تدنس عفتها يد إنسان !
حد دقيق كان يفصل بين الحلم و الوهم ، ربما تختلط الأوهام و الأحلام في ذاتي خلال أيام الصيف ، ربما تتعثر بوصلتي القديمة ، فأفقد اتجاهات الصواب أحياناً ، لكنني أعود في الشتاءات الندية ، أمحص و أرتب و أدقق ، ثم أسير باحثاً عن حلمي من جديد ، حتى كانت البداية .
سألني أحد أصدقائي خلال حديث محموم بيننا :
_ هل تدع من تحب ؟؟
أجبته بثقة :
_ أكيد لا !
_ و عندما يدعك ؟
_ ربما يكون الخطأ في الاختيار !
_ كيف تحب من لا يستحق الحب ؟
_ هذه مسألة لا تخضع لمنطق إلا في أضيق الحدود .
_ إذا أنت توافقني في ترك من يدعك ؟
_ ربما !
_ هل تدرك الألم من حبيب يتجاهلك ؟
_ من يتجاهلك ليس بحبيب حقيقي .
_ لكن الأشد إيلاماً ، حـب تعجز خلاله عن البوح لمن تحب !!
غرقت في ضحكة عريضة من أسئلة صديقي الحادة ، ربما المأساة التي يعيشها صديقي كانت سبباً لكل هذه الأسئلة ، مسحت دموعي من أثر الضحك ، أجبته بصراحة مطلقة :
_ الآن فهمت ، الأخ مقيم في السودان منذ سنوات ، و لا يرى حبيبته ، لا يرى سوى الرجال .
فضحك معي و قال :
_ ليست هذه كل القصة .
فكرت في كلماته كثيراً ، و قفز خيال الآنسة إيلاف فجأة إلى الواجهة مرة أخرى ، و أنا أفكر في قول صديقي ( السوداني ) :
_ الأشد إيلاماً هو الصمت عمن تحب .
تذكرت كل اللقطات الجميلة التي خزنتها الذاكرة ، و قد شارفت المدرسة على العطلة الصيفية ، راجعت كل أوراق الماضي بتمعن ، قرأت السطور و ما بين السطور ، كان فيها ما يسر ، و كان العكس ، و هناك الآن في حي الثورة حيث تربض الآنسة ، و تعد أيامها الأخيرة ، تلملم أمتعتها ، استعداداً للرحيل ، ماذا سيكون لو أصبحت شجاعاً و تكلمت ، و ماذا سأفعل لو أوصدت أبواب الأمل في دروب أحلامي ؟ ماذا لو تكسرت الأحلام الرومانسية فوق رأسي ، و استحالت كابوساً ثقيلاً في يقظتي و منامي ؟
بدأت أتحين الفرصة المناسبة ، حتى جاء اليوم الأخير في العام الدراسي , وقفتُ أمام صفي ، حشرتُ يداي الباردتان في جيبي علني أدفئهما قليلاً ، على الرغم من القيظ الحزيراني وقتذاك ، و طفقت أنتظر خروجها من صفها ، طال الانتظار .. تجولت في الممر الطويل ، لم أراها ، عدت إلى صفي ، و حاولت تناسي الموضوع بكامله ، أدركت أنها كانت تتهرب من لقائي ، من كلماتي ، جلست في أعماق كرسيّ ، تشاغلت في النظر إلى جلاءات التلاميذ ، انتابتني حالة من اليأس المر ، سخرتُ من نفسي ، لمتها بعنف ، لماذا ؟ لماذا يا نفس أوقعتني بمنحدر من الهوى الخائب ، ثمن عزة النفس باهظ ، و الأدهى هي تلك الهلوسة التي تسكعتْ روحي في متاهاتها ، لن أعتب عليها ، لن أحقد ، لن أكره ، ليس هذا من طبعي ، لكنني ألوم النفس التي أخذتني بعيداً في الأحلام بل الأوهام ، حتى اختلطت كليهما ، فلم أعد أميّز ، ثم أخيراً عزيت نفسي ، قلت :
_ أنثى عربية بزمن خارج عن المنطق ، الحق معها !
حملت رحى الصراع و هويتُ على أوهامي و أحلامي و جنوني ، فحطمت الجميع ، الرحى و الأوهام و الأحلام و الجنون ، و نفضت يدي ، و التفت إلى تلاميذي ، قلت لهم :
_ الآن سأوزع الجلاءات و الجوائز ، اليوم تقطفون ثمار أعمالكم خلال العام المنصرم .
ساد الهدوء ارتقاباً للنتائج ، بدأت أذيع أسماء المتفوقين أولاً ، مع منحهم الجوائز مع الجلاءات ، و وزعت البقية منها بالترتيب ، انهمكت في عملي ، و أنا أهنئ هذا المتفوق و أشجع ذاك المقصر ، و قد تحلق الجميع حولي ، و انفرط عقد النظام الذي كنت أفرضه بصرامة خلال أيام العام الدراسي المنصرم ، قلت في نفسي :
_ هذا اليوم يومهم ، ليأخذوا راحتهم !
علا صياحهم و اشتدت حماستهم و ضحكاتهم ، ثم انطلقت حناجرهم بصوت واحد فاجأني :
_ قيام !
و أطبق الصمت ، التفتُ حولي ، فلاحت لي الآنسة إيلاف ، تقف عند الباب ، و حينما التقت عيني بعينها ، ابتسمت بعذوبة ، خلت أنها جاءت لوداعي كونها لن تكون معنا في هذه المدرسة العام القادم ، انتظرت للحظات ماذا تريد القول ، هززتُ رأسي ، فقالت :
_ ممكن أستاذ كلمتين ؟
نهضت من مكاني ، و تسمرت عيوني ، و خفق قلبي ، هل ستعلب معي لعبة ماكرة ، تكويني ثم ترميني ؟ لا ، لا أتصور أنها ستفعل ذلك ، جمال منطقها لن يشذّ عن جمال روحها ، ربما تريد الوادع ، وقفنا في الممر الطويل ، فاجأتني بالسؤال :
_ أستاذ ممكن تقول لي الآن ماذا تريد مني ؟
حاولت بسرعة خارقة الظهور بمظهر متوازن و متماسك ، و تجاهلت كل النواحي التي كانت تدغدغني :
_ لا أريد شيئاً ، سلامتك !
_ رأيتك تتجول و في عينيك كلاماً كثيراً !
رأتني ؟ كيف رأتني هذه الداهية ، و قد عجزت عن لمح أي أثر لها طوال أكثر من ساعة ؟!
و عادت تستنطقني من جديد :
_ هل ستودعني بصمتك المعتاد ؟
رباه ! ماذا سأقول لها ؟ شيئاً واحداً أريد قوله ، لكن هل هو ما تتوقعه ؟
شيء حفر في نفسي جروحاً و بسمات ، هل ستتقبل ما أقوله ؟
طال انتظارها ، و طال صمتي ، قررت أن أبوح لها ، ماذا عسى الجرح أن يتكلم ، و يكلم مرة و أخرى ، ألن يندمل بعدها ؟
قلت لها بكل ثقة ، و قد استعددت لأي جواب محتمل ، في ظل بصيص واهن من الأمل :
_ آنسة إيلاف ، لقد اختزنت صفائح ذاكرتي صورك و ذكرياتك هنا ، حتى أصبحت جزءاً من كياني ، كالأوردة ، كالشمس ، كالحياة ، هذه حقيقة .
افتر ثغرها بابتسامة لم أستطع تفسير مدلولها ، و قالت :
_ ثم ماذا ؟
_ حتى شعرت أن الحياة بدونك عذاب أبدي !
وضعت يدها على خدها ، و الابتسامة لا تزال تفترش وجها الغض ، تستمع بإنصات ، و تسأل :
_ ثم ماذا ؟
ضقت ذرعاً بعبارة " ثم ماذا " ، كنت أنتظر منها ضوءاً أخضراً لأتابع بزخم أكبر ، و أنطق تلك الجوهرة : أنا أحبك !!
لكن هذه " الـ ماذا " أرعبتني ، و كأن الموضوع عندها نكتة خفيفة !
سألتني أخيراً - بعد أن قذفت كل ما أجاد به لساني - :
_ هل انتهيتْ ؟
تسمرت عيناي ، تنتظران انفراج شدقها بالجواب ، و صحت في أعماقي :
_ الحمد للـه انتهيت على خير .
صمتتْ برهة و هي تجول النظر بي ، ثم أدارت ظهرها و اتجهت نحو الإدارة ..
و عادت تلك الغصة المرة تتمرغ في حلقي ، أدركت الآن مدى الوهم الذي كان يسيطر على مجريات حياتي خلال هاتين السنتين من عمري .
بقيت أراقب مشيتها حتى دخلتْ باب غرفة الإدارة ، و بعد دقائق قليلة خرجتْ نحو الباب الخارجي دون أن تعيرني أي التفاتة ، فخبا آخر بصيص لي في حبي ، و عاد الظلام يعشش في كل كياناتي ، و جلست في صفي تخنقني عبرة الألم ، ثم نهضت أتمشى في الممر ، أداري لحظاتي العصيبة ، ثم قررت المغادرة ، لم أكد أغادر المكان حتى رأيتها أمامي ، كأنها قفزت من السماء ، لم أصدق ، عادت إلى ابتسامتها المعهودة ، حدقت بعمق في وجهي ، و أنا صامت أراقبها ، سألت :
_ هل تعلم من أمهر العشاق ؟
سألتها :
_ لست أنا !
_ لم أنت متشائم ؟
_ العقبات !.. مذلة الوهم ، أراك عدت ؟
_ لأنني أحبك !
_ تحبينني أنا ؟
_لأنك أمهر العشاق ..
_ أنا ؟
_ أسرت قلبي و حميتني في هذا العالم الغارق في جنونه ! أصبحت الحب كله ، أنت الأمل الذي كنت أعايشه سنتين اثنين ، أنت من بث في قلبي النور و البشرى بأن هذا العالم لن ينتهي بكارثة ، و فيه رائحتك المثقلة بندى الزهور ..
لم تتمالك .. ذرفت عيناها قطرات من الدمع .. تأملت شحوب وجهها ، لم أصدق ما سمعته .. انفجرت بضحك جنوني و تعالى صوت قهقهاتي ، أيقنت أنني أصبحت مجنوناً بشهادة من رآني من المعلمين و المعلمات الذين خرجوا ليستطلعوا الأمر ، و قفوا أمام غرفة الإدارة يراقبون جنوني ، و إيلاف بدورها غرقت في ضحكاتها الطفولية ، و تشير إلي : أنت .. أنت , أصابتني حالة من الهستيريا غير المعهودة ، أيقنت أن هذا هو اليوم الذي الأخير في رزنامة السنوات العجاف ، سأنعم فيه بوهج شمس لا تكسبني إلا نظارة في الوجه ، و شباباً في العمر ، تمدني بحرارتها في كل الأمكنة ، تهبني الحياة ، تعيد تدفقها في دمـي ، بعد أن غضنت وجهي سـنوات البحث الطويلة عن يوم أخير للعتمة الباردة ، لأراها أمام ناظري ، تطل بنورها في كل الأمكنـة من حولي ، لتشرق كل يوم قبالتي ، و هي معي تحت سقف واحد .






  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:13 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::