قهوة مرّة
22-6-2014
كان اليوم هو الأول لألهام لألتحاقها في الجامعة,كانت مرتبكة ونظراتها تائهه,لم تتعود على الأختلاط,حتى في مراحل الدراسة السابقة كانت تختار صديقاتها هي لا تسمح باختيارها وكنَّ اقل من اصابع اليد,كان البعض من زميلاتها في صفها يتهماها بالأنعزالية
وكانت في داخلها تسخر منهنَّ وعندما واجهتها احداهنَّ بذّات التهمة..اجابتها بدون
تردد..اذا كان تسّيبكنَّ انفتاح.والتزامي الخلقي انعزالية.فمرحباً بهذّه الصفة.كانت لها نظرة ثاقبة تقرأ ما يدور حولهاوكانت تدرك انها تعيش في مجتمع شرقي ذكوري اكثر علاقاته
كمائن واصطياد الفريسة وعبث صبياني رغم
ان فيه القليل من الصدق ولكنه يؤد قبل ان
يبلغ الفطام, فراحت تضع كل همها في دراستها ,استمدت تلك الفلسفة من والدها
فرغم هامش الحرية المتاحة في مثل هكذا
مجتمع جعلها اكثر التزاماً وحرصاً وكانت
تعتبر والدها مثال لهاوهي لا تخفي شعورها
بان يكون فارس احلامها شبيهه,فوالدها اديب
وكثيراً ما اشركها هي واخواتها في ما
يكتبه ويستطلع رأيهنَّ فيه.
وجدت نفسها في اول يوم في الجامعة انها في
عالم غريب لم تألفه ربما هو الأكثر صعوبة
في حياتها وادركت منذ الوهلة الاولى حراجة
ما هي فيه فهنا يفرض عليها التعامل مع زملاء لها في المرحلة وليس كما في المراحل
الدراسية السابقة فهنا علاقة الزمالة نتاج طبيعي للمرحلة الدراسية الحالية وادركت انها
تحتاج الى علاقة متوازنة ما بين ما تؤمن به
وما تتطلبه المرحلة في حياتها حتى لا تكون موضع نظرة قاصرة من زميلاتها.
مضى الاسبوع الاول والثاني بهدوء مشوب
بالحذر ومرحلة استكشاف لعالم غريب عليها
هي كمن يقبض على الاعاصير ليضعها في
قفص اسئلة الجماد التي تدور حولها تضعها
على سرير المشرحة لتحولها الى اسئلة مفتوحة ومن ثم تحيلها الى صالة الولادة
لتولد الاجابات الخصبة والثرية المنتجة.
مرة السنة الاولى وتأقلمت زميلاتها لطبيعتها
كذلك زملائها وكانت فرحة لانها لم تسّر لها
اي من صديقاتها المقربات برأي سلبي كما
في مراحل دراستها السابقة بل بالعكس كان
لرأيها صدى بين الجميع.
لم تدرك ان خالد وهو يسبقها بمرحلتين كان
قد وضع عينيه عليها,كان يراقبها عن كثب
وكان معجباً بشخصيتها ولكنه لم يجرء من
الاقتراب منها.
واخيرا قرر الاقتراب منها وجدها جالسة في
كافتيريا الجامعة ومن حسن الصدف كانت
زميلة له في مرحلته الدراسية تجلس على
طاولة واحدة مع زميلات اخريات.
اقترب خالد وبعد ان بادر بالسلام واستاذن
بالجلوس متذرعاً بالكرسي الفارغ الوحيد
وبعد ان جلس طلب القهوة بسكر زيادة وفجأة
اراد ان تكون عفوية غير مفتعلة التفت اليها
وقال لها..اضن قهوتك ايضا سكر زيادة كان
واضحا لها انه يقصدها هي وليس هناك عفوية في الاختيارتمالكت نفسها ونهضت
وقالت له بهدوء..الأجدر بك ان تحادث زميلتك
التي في مرحلتك..وقد وجهت الحديث للاتجاه
الخطأ..وبالمناسبة قهوتي مرّة...
واسرعت خارجة من الكافتريا وهي تشعر بنشوة اعتزاز وكبرياء.
تخرجت من الكلية بتقدير جيد وعملت في مختبر للتحليلات المرضية والسريرية بحكم
اختصاصها البايلوجي.
وفي يوم ربيعي وعندما عادت من عملها وجدت والدها يستدعيها..ضنت للوهلة الاولى
انه يود ان ياخذ رأيها في انتاجه الادبي الجديد
لكنه فاجئها..
بنيتي هناك صديقاً لي اخته الدكتورة لها ولد وتريد التقدم اليك
-والدي انتَ تعلم وجهة نظري..
وقاطعها ..نعم بنيتي ولكنها سنة الحياة فبعدي وبعد امك لن يكون لك بيتا مهما بلغت من الاستقلالية المادية..هذا هو المجتمع الشرقي
كما علمتك اياه وكما تعرفيه الا بيت الزوجية..وعائلته جيدة ومثقفة وتملك مكانة
اكادمية وعلمية وسألت عن الولد فهو حسن
السيرة وخلوق ومثابر.
لم تتعود ان ترفض طلبا لوالدها وحجته افحمتها..فهو علاوة لكونه اب ولكنه صديق
صدوق للجميع..
بعد يومين حضر الولد وامه وعمه وكان لا بد
ان تراه دخلت مرتبكة وعيناها على الارض وهي تحمل اكواب العصير..
وعندما وصلت اليه نظرت خلسة اليه..
ارتجفت يداها وتسمرت مكانها..وسمعته يقول
-انستي لا اشرب العصير..مشروبي المفضل قهوة مرّة............
قصي المحمود.........