كم سنة !! وأنا أفتشُ عنك ..وأنت عنّي تبحثين
كم سنة!! ودروبنا مليئةٌ بأشواكِ البعاد ...
يا امرأة من نور وزعفران
يا امرأة من فُل ونرجس وشقائقِ النُّعْمان
وأنا رجلٌ ألفَتْهُ المنافي والعواصمُ والقرى الصغيرة
دائم الترحالِ والسفر
دائم البحث عن المُمكن في زمن الرفض
يسكنني الخوفُ من المجهول مُذْ كنتُ طفلا
وأنتِ الحصار ..وأنا المنفى
وهناكَ تنتشرُ البنادقُ في الأزقّةِ والدُّروب
وأنا أذوب
في كلّ يوم
خوفاً من رحيل التوت والعنّاب
خوفاً من سفر القصائد صوبَ الغياب
يا امرأة ..
تنام في سرير الوحدة ..سرير الإنتظار
وأنا هناك
خارجَ الأسوار
ما بين حديقتي وحقيبتي
ضاعَ الإختيار
لا تلتَفتْ للظل ..فالظلُّ قنبلةٌ وضعها الحاقدون
كي يقتلوك على الرّصيف
الوليد
لمّا تتلوّى أصابع شاعر تحت أزيز الرّصاص وظروف الحصارفأنّ دروب الكتابة في الحبّ والأحاسيس لا تجيئ بمنآى عن القضايا لراهن اليلاد
تجيئ الكتابة متلبّسة بتوق البحث عن إمرأة من زعفران ..
من نور...
من فلّ
من نرجس ...
ليحتمي بها ويزجّ في العثور عليها أوقاته وأزمنة القهر
كم سنة !! وأنا أفتشُ عنك ..وأنت عنّي تبحثين
كم سنة!! ودروبنا مليئةٌ بأشواكِ البعاد ...
يا امرأة من نور وزعفران
يا امرأة من فُل ونرجس وشقائقِ النُّعْمان
فالنّص حميميّ يبدأه الوليد بكم وكم ويكررها بشكل يخلق تأثيرا نفسانيّا لدى المتلقي الى در جة الانفعال والاثارة .
فالمقطع مشبع بمعاني المعاناة في البحث والشّوق الدّفين في أعماق النّفس
منه ومنها ...
وقد أبدع فنيّا في مستوى الجملة
ودروبنا مليئة بالأشواك
ويتواتر النّص في لاحقه لتلد لغته في زمن الكتابة الشّعريّة وفي لحظتها وينتهي بما تستدعيه من مفردات لها بعدها الدرامي في مجاهرة صوته بكشف صراعاته ومعاناته وهويّته
وأنا رجلٌ ألفَتْهُ المنافي والعواصمُ والقرى الصغيرة
دائم الترحالِ والسفر
دائم البحث عن المُمكن في زمن الرفض
يسكنني الخوفُ من المجهول مُذْ كنتُ طفلا
وما نلحظه ورود هذا البوح بلغة الأنا وما لضمير أنا من قوّة تواصل مع الحبيبة في الإخبار والمكاشفة بما في النّفس من ضيق
ولئن عبّر الكاتب هنا عن أبعاد خاصّة وذاتية وحميميّة فأنّ قدرته على تحويلها الى أبعاد جماعية ملتصقة براهن وطنه جاءت مذهلة في ما لحق من الكلام والنّظم
وإذا بأمراة الزعفران والنرجس والنّور تسقط من الحسبان لتصير الحصار والمنفى
وأنتِ الحصار ..وأنا المنفى
فهناك تمازج أو ربّما أبهام يجعل البحث في الحبّ عن الحبيبة هو بحث عن الوطن المسلوب الذي يربض في أعماق شخصية الوليد الإبداعيّة ..
فكما الوطن مرتبك مزروع بالألغام والقنابل....
وكما الوطن تدور فيه الأحداث زارعة الموت والخوف والدّمار
تجيئ اللّغة في الحبّ والوطن من معجم واحد ذات استعمال واحد
وهناكَ تنتشرُ البنادقُ في الأزقّةِ والدُّروب
وأنا أذوب
في كلّ يوم
خوفاً من رحيل التوت والعنّاب
خوفاً من سفر القصائد صوبَ الغياب
وهي تقنيّة فنيّة إبداعيّة منحت تمّاسا رائعا بين وطن وحبيبة ..
وكم كانت نهاية النّص مترعة بالشّجن والحزن ...فقد عاد ليخاطب إمرأته بأكثر مرارة وانكسار
يا امرأة ..
تنام في سرير الوحدة ..سرير الإنتظار
وأنا هناك
خارجَ الأسوار
ما بين حديقتي وحقيبتي
ضاعَ الإختيار
لا تلتَفتْ للظل ..فالظلُّ قنبلةٌ وضعها الحاقدون
كي يقتلوك على الرّصيف
فكأنّنا به يتجاوز رغباته في إمرأته ليجعلنا ندرك أنّ الحبّ يتداعى في قلبه الرّقيق ليبقى وجع الوطن وهاجسه أقوى من الحبّ
وكم برع في تسريب مرارة ما يحسّه الينا بمخاطبته لأمرأته
ما بين حديقتي وحقيبتي
ضاعَ الإختيار
لا تلتَفتْ للظل ..فالظلُّ قنبلةٌ وضعها الحاقدون
كي يقتلوك على الرّصيف
سيدي القدير
بعض النّصوص التي نقرأها هنا تثير فينا حالات قصوى من الأحاسيس وقد لا نفيها حقها بمرور شكليّ ...
فتقبّل ردّة فعلي هذه الحينيّة التي لم أجد ملاذا الاّ فيها لأقول كم يسكننا هذا الوطن .. وكم يؤجل زمنه أزمنة النرجس وحقائب النّخيل