في زمن ٍ ليس ببعيد ، كان العقل ، يرسم طريقنا ، و يقودنا
عبر بوابات الزمن ... يحملنا على النهوض من أفكارنا
البالية المحنطة ... كان العقل رفيقنا و طبيبنا و مسيِّرنا
و كان القلب ...يتأمل دقة إجابتنا عن كل أسئلة الكون
فيعود إلى كهفه الحجري ، ليمسح دمعه الذي خالطته عبرات ٌ
مترامية الأطراف ، و كان يغرق في حزنه المعهود .. و عندما
نخرج مسرعين من بوابة الزمن ... نرى القلب يقتات على
أوراق ٍ يابسة من شجرة الليمون ، و عند اقترابنا منه ، محاولين
مساعدته على النهوض ، يشيح بوجهه عنّا ، و يطلب منّا أن نتركه
يقتات ألمه و حزنه بمفرده ، فهو لم يعد يستطيع المكابرة على جرحه
الغائر في رئتيه الممتلئتين ، بزفير ٍ و شهيق ٍ ، من جراح ٍ مضت
و لقد حاولنا أن نبادله حزنه و ألمه على سبيل المشاركة لا أكثر
لكنه في كل مرة ٍ ، يأبى أن نشاركه ما تعتريه روحه ...
فنعود أدراجنا من جديد إلى بوابة الزمن ... لكي نقرأ و نستوعب
ما يدور في عقل الكون ...... .
و لكنني ، لم أستطع تركه وحيدا ً ، فعدت أدراجي لأتلمس حزنه
الغريب ، و عند اقترابي من ذلك الكهف الحجري ... سمعت صوتا ً
متحدرج النبرات ، فاختلست السمع .. و إذ به القلب يتضرع لخالقه
بأن يمده بالصبر و العزيمة على مواصلة دوره الأزلي
بنسج ، الحب و الخير بين أعماق اعماقنا .. التي توطن روح الأنا
بها ، ساعتها ...هزني ذلك التضرع من هذا القلب المركون جانبا ً
بين مخلفات ماضينا السحيق ..... لم أستطع أن أضمه بين ذراعي ّ
و لم أبادله تضرعه إلى خالقه ، وقفت و كأن الألم يقذفني بين
بوابات الزمن التي لم ترحم أنفسنا يوما ً .. و ما زلت حائرا ً بين
كوني عقلا ً يتلمس الجنون ...أم قلبا ً يتلمس السكون ...
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...