كانت حالة المهلبي الوزير قبل الاتصال بالسلطان حال ضعف وقلة،
كان يقاسي منها قذى عينيه، وشجى صدره، فبينما هو ذات يوم في
بعض أسفاره مع رفيق له من أصحاب الجراب والمحراب، - إلا أنه
من أهل الآداب- إذ لقي في سفره نصباً، واشتهى اللحم، فلم يقدر
على ثمنه، فقال ارتجالاً:
ألا موتٌ يباعُ فأشتريهِ= فهذا العيش ما لا خيرَ فيهِ
إذا أبصرْتُ قبراً من بعيدٍ=وددْتُ لو انّني ممّا يليهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي=يخلّصني من الموتِ الكريهِ
إلاّ رحمَ المهيمن نفسَ حرٍّ= تصدّقَ بالوفاةِ على أخيهِ