ذكريات (( القسم الحادي عشر ))

ذكريات


ليلة في القطار


القسم الحادي عشر

في الوقت المعين تحرك القطار باتجاه بغداد المحبة والسلام. جلست في المقعد الذي سبق أن حجزته في الدرجة الثالثة ، لعدم وجود درجة رابعة. جلس امامي شاب من سكنة بغداد ، تعارفنا واندمجنا بالحديث الشيق.
وليد كما عرفت منه يسكن الاعظمية ، ويعمل مراقب عمال ، وعرف اني طالب في الخامس الاعدادي. وليد جاء بزيارة لصديق له ، وسفرته استغرقت خمسة ايام ، وارتاح فيها ، وقال:
أهالي الموصل يطبخون دولمة ممتازة ، واكلتها بشهية ، ويطبخون الحبية احسن بكثير من اهل بغداد.
أنا - أخ وليد ، اهالي الموصل لا يعرفوا الدولمة ، ولا الحبية ، هذه اكلات اجنبية نحن لا نشتهيها.
وليد – اخ صلاح انت اشلون مصلاوي ، ولا تعرف الدولمة ، ولا الحبية ؟ !!!!!!
أنا - اخوية وليد الدولمة والحبية حلويات والا فواكه؟
وليد – يابه عرب وين ، طنبورة وين !!!!! يا صلاح ، الدولمة ورق عنب ، و بيذنجان ، وبصل محشي تمن ولحم مثروم ، والحبية من حنطة ، يطبخوها على لحم ، ولونها اصفر من الكركم . اشبيك يا صلاح ، انت اشلون عايش بالموصل؟
أنا - اخوي وليد الدولمة ، اسمها بالعربية الفصحى ايبرغ ، وأما الثانية فاسمها باللغة الفصحى كشكا. اشو كمت تنسه العربي؟!!
وليد – شفت نحنه ابغداد انسميها دولمة والاخرى حبيه.
أنا - وليد عندي سؤال : هل الاعظمية عندها حدود ويه لندن ؟
وليد - انت اشلون امخلص الرابع ثانوي متعرف الاعظمية وين صايره ؟ صلاح انت امطوب بالجغرافية ههههه
الاعظمية وين ولندن وين !!!!!
أنا - اخويه وليد لهجتك قريبه من لهجة اهالي لندن.
وليد – ضحكة طويله مشحونه باستغراب ، صلاح تتكلم بجد والا مزح؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!
أنا - طبعا بجد
وليد - نحنا لغتنا عربية وهم يتكلمون الانكليزية ، بعدين اشجاب لندن على الاعظمية ؟ !!! لندن ابقارة اوربا والاعظمية ابقارة اسيا !! اخويه صلاح اعتقد انت ممخلص السادس ابتدائي ، شاكخ اثلث اقلام ابجيب الثوب مالك وجاي تكشخ ابراسي.
أنا - اذن ليش لهجتكم قريبة من لهجة اهالي لندن؟
وليد – والله حيرتني يا صلاح !! كلي اشلون قريبه لهجتنا من لهجة اهالي لندن؟ !!!! همه يتكلمون انكليزي ونحنه نتكلم عربي.
أنا - اعرف اخويه وليد اني مدقصد اللغة وانما اللهجة واعني نغم الصوت وموسيقاه.
وليد ضحكة عالية وقال. والله غريب !! شنو انت مدارس جغرافية ؟
أنا - وليد لتزعل من الحق ، بس اني مكذبت عليك ، يزي عاد خلي ناكل : واخرجت من الكوشر خبز اعروق وصرنا ناكل سوية وبشهية.
وليد – راح ادعيك البيتنا واخلي امي تطبخلك تمن وشيخ محشي.
أنا - استغفر الله اخويه وليد ، نحنا اسلام ، مناكل اوادم محشية ، فوكاها شيخ ، حرام عدنا.
ضحكة عالية من وليد جلبت انتباه الاخرين بالفاركون وقال:
صلاح نحنا الحمد لله هم اسلام ، مناكل اشيوخ محشية هههههه. صلاح اكلة لذيذة اسمها شيخ محشي
صلاح – اسم يلعب النفس ، اخويه وليد شكرا على الدعوة ، اني لا اكل شيخ محشي ، ولا سيد محشي ، يا وليد تره لعبت نفسي.
وليد – زين اخلي امي تطبخلك شجر وتمن. هاي اكلة معروفة.
أنا - انتم تطبخون الاشجار وتاكلوها ؟ عجيب يا ربي !!!!!!!!!!!!!!!
صلاح مو اشجار شجر !!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اخويه وليد اجي اشرب جاي عدكم تره اني معقد بالاكل.
وليد حرنا وياك يا صلاح ، المهم اعرفك بخويه هو محامي معروف.
انا - شنو محامي ؟ يعني مهندس.
وليد : لا مو مهندس ، المحامي يدافع عن المظلوم ، اذا واحد باك ، ولزمو المحامي يدافع عنه وممكن يبريه !!!!!!
أنا - لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، اخويه وليد عدنا بالموصل اليبوك عيب ، واللي يبري الحرامي هو مثله حرامي !!!!!
اخويه انصح اخوك ، وكله لا يشوه سمعتكم. اشلون تقبلها انت اخوك يدافع عن حراميه ؟ اني ابن عشاير وعدنا من يدافع عن حرامي يعني حرامي مثله !!!!
وليد - صلاح انت وين عايش ؟ المحامي مهنة زينة وشريفة.
- اشلون زينا ويدافع عن حرامي؟
وصلنا بلد ، او سامراء ( لا اتذكر بالضبط ) ، وصعدت مجموعة من المسافرين ، وجلست بقربنا بنتان وعلى راس كل منهما صينيه فيها قيمر . وكنت وزميلي وليد منهكين من السهر.تحدثنا معهما ، وعرفنا انهما ذاهبتان الى بغداد ، ويبيعا ما معهما من قيمر ومساء يرجعا لاهلهما.
اسم الاولى عنتوصه . بنت سمراء ، تبلغ من العمر حوالي 25 عاما ، وتمتاز بسواد عينيها الكبيرتين ، وقد زادهما الكحل سوادا وجمالا. أما الاخرى فاسمها معطوبه ، لا تقل جمالا عن صديقتها .
المشكلة ان النعاس قد سيطر علي ، وصديقي وليد ، وحرمنا من لذة الكلام . سمعت احداهما تقول لرفيقتها ، وكانت تعنيني في قولها : شوفي جم قلم امعلك ابجيب الثوب ، اكيد ابن شخصيه ، كليلة بلجي يشغل اخوج مرعوص.
سالتني احداهما ابوك شنو شغله ؟ اجبتها بالجيش. شنو رتبته ؟ جندي افرار ؟ !!!!!!!!!!
هي - شنو ؟ !!! جندي افرار ؟ !!! ليش افرار؟ ميخدم ويلكيله شغله زينه .
أنا - عنده والحمد لله شغلة زينة ، وعايشين ابخير.
هي - شنو شغلته؟
- كل جم يوم يصطو بالليل ويجيبلنا اغنمه ، وعايشين والحمد لله ابخير.
معطوبه بصوت منخفض تقول لصديقتها عنتوصة: شفتي معدنا حظ مو بالكوة ، مجينه الا على واحد حافي.
وصلنا بغداد وودعناهما ، كما ودعت صديقي الطيب وليد ، على ان نلتقي في اليوم الثاني.
اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان