يا قدسُ إني ها هنا لأنادي= مَنْ ذا يُبَلّغكِ السلامَ النادي
من كلِّ بعدٍ في سمائكِ عالمي = ولقد صعدتُ إلى العُلا بفؤادي
مِن ألفِ ليلٍ قد أتيتُ مُغرِّدا= نبضي كما طير الصباحِ الشادي
قافُ اللقاءِ وقافُ قدسيَ روضةٌ=يمضي لها الشُعَرَا بلا أجسادِ
ما ليْ إذا ناجيتُ طيفَكِ في النوى= أشعلتُ نارَ فِراقِنا بودادي
فمتى أُحلِّقُ في سماءِ مدينتي = وأزورُ فيها روضةَ الأجدادِ
ومتى سأبني فوقَ أرضكِ دارَنا= هذا الذي أرجو وذاكَ مُرَادي
ومتى سأمضي في رحابكِ آمنا= ويذوقُ طفليَ حلوة الأعيادِ
القدسُ صوتُ الحقِّ ينشُدُهُ دمي = هل قلتُ غيرَ الحقِّ في إنشادي
القدسُ خيمتنا بقفرِ سنيننا = وزرعتُ في أركانها أوتادي
القدسُ أحزانُ الليالِ على المدى= أحزانُها يا ليلُ حزنُ بلادي
حزنانِ في قلبي وحزنُكِ ثالثٌ= تتصارعُ الأحزانُ في إجهادي
أرنو لها في كلِّ ليلٍ ضَمّني = وكأنّني خاصمتُ كلَّ رُقادي
أفراحنا لبستْ ثيابَ مدينتي = مرهونةٌ أفراحنا بحِدادي
إنّي عبدتُ اللهَ في كلِّ الدُنَا = ورأيتُ فيكِ مدينةَ العُبَّادِ
إنّي بأرضكِ ناسكٌ متعبِّدٌ= وكرِهتُ فيكِ عبادةَ الأسيادِ
أجدادنا قد لوّنوا بدمائهمْ= هذي الأراضي البيض, لون عنادي
إنّي مكثتُ على دروبِ ربيعها = وبدأتُ منها رحلتي وعتادي
ستونَ عامًا والجراحُ عَتيَّةٌ = من كلِّ جرحٍ أستثيرُ جهادي
هذا صلاحُ الدينِ يُولَدُ من هنا = من بينِ أبنائي كذا أحفادي