أول ما أبصرت ُ النور تعثرت قدمي بظلي وسقطتْ سلة القلق غير المتوازنة وتناثرت ْ في الزقاق حتى لكأنه تبلط بالإسفلت من شدة السواد ، ما رأيت قبل هذا قلقا ً أسود .
لم أرعو ِ لمشورة أمي عندما نصحتني في طفولتي المرقعة بالعري أن أرضع إبهامي مطأطأ رأسي على أثر خف البعران التي كانت تجوب الشوارع محملة بالملح الخشن أثناء ثورة الإطاحة بالعفن وتوهج الحصبة التي تملأ البيوت أنينا ً معصبا ً بشالٍ أحمر بعد رحيل الجدري الذي زخرف الوجوه الكالحة بالندب .
كان القلق أكثر صحوة لازدحام الليل باللصوص الذين كانوا أكثر تهذيبا ً واحتراماً للظلام الذي يغطي عيوب الأمان بسرية وتعقل .. عندما امتلأت ْ خزانة أحلامي بالقلق وأحسست ُ فعلا ً بالاضطهاد العاطفي والتوعك الوجداني فرشتُ أبهتي على مفترق الطرق وجعلتها مزارا ً لتأبين حالات الوعي التي توخزنا بين فترة وأخرى ..
ولفرط انشغالي بالمراثي في موسم احتضار الأرواح أصدرت ُ إدانات واضحة لانتشال التقاويم التي تسمر أعمارنا على الحيطان .. أعمارنا سئمت ْ التقاويم الرتيبة اذ لازالت الأشهر تصر على عدم زيادة أسابيعها على أربع .. لا أعرف لماذا تجتاحني أمنية أن يكون ألأسبوع تسعة أيام.. أمنّي نفسي بيومين بلا قلق حتى نهدي سلة القلق الى عام 2011 بأكثر من طاقتها .. آخر كذبة للتستر على عيوبي أن أرقّع معصيتي بالاستغفار ..
وكيما يتناثر القلق بالشوارع ألبسنا أطفالنا دروعا ً من البكاء وأعطيناهم الضوء الأخضر للاعتراض والطعن في ممارسة الندم لكي لا نُتّهَم بتزوير الدموع ومعاشرة القلق ...
أشعر الآن بتقلص عضلات الرقبة ، ألم شديد ينزل الى الكتفين ، خدر فروة الرأس .. أكاد أموت من الألم ، ما هذا الذي أحمله .. رفعت ُ يدي الى رأسي وجدت ُ سلّة متعفنة من القلق والمحاولات جارية على رميها اذا ما وجدت ُ سرداب مناسب ...