آخر 10 مشاركات
على الود..نلتقي (الكاتـب : - )           »          مساجلة النبع للخواطر (12) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          إعتراف (الكاتـب : - )           »          يوميات فنجان قهوة (الكاتـب : - )           »          رحلة عمر (الكاتـب : - )           »          لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ! قهوة دائمة (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          صباحيات / مسائيـات من القلب (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عصام احمد من فلسطين : الف الحمد لله على سلامتكم الاخت الفاضله منوبيه ودعواتنا لكم ان ترفلى دوما بثياب الصحة والعافيه ******** عصام احمد من فلسطين : اطيب الاوقات لكم ************ اتمنى ان يكون سبب غياب الغائبين خيرا ************ منوبية كامل الغضباني من من تونس : عميق الإمتنان ووفر العرفان لكم أستاذنا الخلوق عوض لجميل اهتمامكم وتعاطفكم ************متّعكم الله جميعا بموفزوالصّحة والعافية عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : سلامات و شفاء عاجلا لمبدعتنا و أديبتنا أ**** منوبية كامل و طهور و مغفرة بإذن الله************محبتي و الود منوبية كامل الغضباني من من القلب إلى القلب : كلّ الإمتنان صديقتي ديزي الرّقيقة اللّطيفة لفيض نبلك وأحاسيسك نحوي في محنتي الصّحيّة التي تمرّ بسلام بفضل دعائكم ومؤازرتكم جميعا دوريس سمعان من ألف سلامة : حمدا لله على سلامتك أديبتنا المتألقة منوبية من القلب دعاء بتمام الشفاء وعودتك لأهلك وأحبابك بخير وسلامة منوبية كامل الغضباني من من القلب : كلّ آيات الرفان والإمتنان للسيّدة الرّاقية عواطف عبد اللّطيف لمتابعتها وانشغالها بوضعي الصّحي وسؤالها الدّائم عنّي ****************ولكم جميعا أهل النّبع فماغير العلاقات الإنسانيّة تجمعنا ************دوام الصحة للجميع

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 04-16-2017, 03:06 PM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية رشيد الميموني






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رشيد الميموني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 لقاء
0 صخرة هنية
0 من شرفتي

افتراضي الصبار

الصبار
ولجت الفصل ، فطالعتني عشرات العيون في تحفز وفضول، وران صمت عميق لا يشوبه سوى وقع قلم أو أزيز كرسي . أشرت بالجلوس ثم أخذت مكاني بمكتبي وفتحت دفترا دونت فيه ملاحظات هي عبارة عن تعليمات للصغار حول طريقة العمل... الأدوات ، التغيب ، الشغب ، الزي المدرسي ، الفروض ... استمع إلي جمهوري بانتباه هو أشبه ما يكون بصلاة . الآن ... تيقنت أني أحكمت سيطرتي على حشد يملأ القاعة طولا وعرضا. خمسون نسمة ، لا تسمع لها همسة . الآن... يمكنني العمل كما يحلو لي ، وبما يمليه علي كل ما اكتسبته من تجربة واطلاع في ميدان التربية والتعليم . الطفل ، المراهق ، الانحراف...
شملني زهو وأنا أدير ببصري من فوق نظارتي المكورتين متفرسا في الوجوه . ربما كان كلامي بلغة أجنبية عاملا في هذا السكون المعبر عن استسلام تام .
"- حسنا ، لنبدأ العمل – قلتها بفصاحة أهل السين- أنت... هناك... إلى السبورة ."
ولو أن زلزالا رج الفصل رجا ، أو أن عاصفة دمرت المكان تدميرا لكان أهون من رد ذلك "الشيء" الذي أحنى رأسه وهو يحركه رافضا . تملكني شيطان التحدي والعناد ، ورأيت أن هيبتي وسمعتي في خطر فقلت في حزم:
- ألم تسمع ؟ قف ، وتعال إلى السبورة .
لعله لم يفهم . أشرت له بأصبعي . صرخت بصوت رن في أرجاء الحجرة . أمرت أحدهم بشرح الأمر، دون جدوى :"- حسنا... سوف نرى ."
في الحقيقة ، لم أكن أعرف ما يجب فعله ، فقد تعودت أن تنفذ أوامري بحذافيرها . ويبدو أنني لم أحسب للأمر حسابه ، و... رن الجرس.
- أنت... لا تعد إلا وولي أمرك معك...مفهوم ؟
طأطأ رأسه . خيل إلي أنه سيحركه يمينا و يسارا . شققت الحشد المتدفق نحو الباب ، وأمسكت بأذنه:
- انتبه .. سيكون عقابك أليما .. فهمت ؟
لا شك أن شيئا ما آلمه قبل أن يحس بإبهمي وسبابتي تضغطان على شحمة أذنه، وأنه يغالب البكاء فانسل بين رفاقه واختفى ، بينما توالت الحشود وترددت نفس الخطبة :"- حذار، إياكم ، أنصتوا ، انتبهوا ..." ولكي أبدو واسع الاطلاع والمعرفة ، امتدت تعليماتي إلى التغذية :" الحليب ، البيض ، اللحم .. هذه المادة فيها حديد ، وتلك فيها كالسيوم ، وفيتامين أ ، ب..." ولم تنته الحصة حتى كان الإعياء قد بلغ مني مبلغه . فانصرفت والطنين يصم أذني، فلم أعرج كعادتي على القهوة رغم إلحاح جاري علي بالحضور لنشاهد سويا لقاء برشلونة وريال مدريد في صراعهما الأبدي الذي تطال شرارته المقاهي المنتشرة كالأخطبوط عبر شوارع المدينة . عزفت نفسي عن مشاهد السباب والصراخ والمشادات الكلامية ، ولم أمر على منزل خطيبتي حتى أوفر علي مسامعي السؤال المتوقع:
-" هيه...ماذا عن الساعات الإضافية ؟" تاقت نفسي إلى لحظة سكون أستجمع فيها أفكاري. فقد كنت مشتت الذهن دون معرفة السبب. قد يكون وراء ذلك انهماكي المفاجئ في العمل بعد عطلة طويلة . وربما يكون انقباضي راجعا لمعاناتي من جراء فشلي في الإنتقال إلى مؤسسة قريبة من مقر سكناي ، إضافة إلى تأخر ترقيتي بعد أن نالها كل زملائي ، القدماء و الجدد .
وأنا في شرودي هذا ، لم أنتبه لجاري الغارق في متجره وسط السلع المكد سة وهو يناديني معاتبا :
- على الأقل ردوا السلام... لا نريد منكم جزاء ولا...
- عفوا ، لقد كنت ساهيا فلم...
- هكذا أنتم معشر المعلمين... كأنكم تحملون أوزار العالم فوق ظهوركم .
- ما العمل وأمثالك ممن لا يطاق تحمله ؟
أطلق قهقهته المعتادة ثم توقف ليقول جادا :
- ألم تسمع بآخر الأخبار ؟ الإنكليز يصرحون أن للفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم .
- هل قالوا ذلك حقا ؟
- إيه والله... هؤلاء أناس شجعان وصرحاء... لله ذرهم .
- هنيئا لنا بمثل هذا الكلام ... لكن اعذرني . أنا متعب . مع السلامة .
أوصدت الباب واستلقيت على السرير. للمرة الأولى وددت لو ينقضي الليل بسرعة. هل وصل شغفي بالعمل إلى هذا الحد ؟ الليل عندي لحظات الشرود والانطلاق والانفلات من أغلال النهار وأعبائه. لكني اليوم أستدني النهار وأستعجل بزوغ الفجر. حتى النوم أبى إلا أن يجفو عيوني. لم أصدق أن النهار طلع . فانطلقت كالمجنون . هاهي الإعدادية . التلاميذ مصطفون . يدخلون الفصل ويبدأ الدرس . في عيون الصغار توجس وحذر . لا شك أن منظر ذقني الذي نسيت أن أحلقه وعيني الشبه المغمضتين قد راعهم : -" أنت... هناك ... قم إلى السبورة ."
لم يحرك رأسه . التفت نحو أحد زملائه فقرأ في عينيه رجاء . الكل يتوسله في صمت ، وأنا كلي غليان ، أنظر من أعلى . أخالني على وشك الانقضاض عليه... على أي واحد منهم... على أي شيء . لكنه ينهض متثاقلا . تتبعه نظرات الخمسين رأسا ... أعصابي تتراخى ، متزامنة مع تقدمه نحو السبورة . انتصاري وشيك :
- تقدم... أين ولي أمرك ؟ تابع تقدمه في تؤدة دون أن يجيب . لا يبدو منه سوى الرأس و الكتفين .. وأخيرا يقف أمامي . قامته لا تتجاوز خصري :
-" خذ واكتب... علي بالاجتهاد وطاعة معلمي ."... بدأ يكتب . خطه جميل . نظرت إليه من قمة رأسه إلى أسفل قدمه ، وانتبهت للآخرين يكتمون ضحكة. لا شك أن فتحة سرواله من الخلف قد استرعت انتباههم مثلي . وأكيد أن أصابع قدمه البادية من ثقب بالحذاء المطاطي قد جلبت الأنظار. وفي لحظة ، سقط من يده الطبشور فانحنى ليلتقطه . زادت الضحكات . رفع عينيه إلي . تلاقت نظراتنا . قال لي أشياء وأشياء في صمت...تجاهلتها.
- حسنا... أهنئك على خطك وقلة أخطائك... عد إلى مكانك . " هذه أول مرة أثني فيها على تلميذ في بداية السنة لحرصي الشديد على ألا ينتابهم نوع من الغرور... ويسود الصمت . في الجو شيء مبهم لا ندري كنهه... لا أنا ولا صغاري ولا هو . أو على العكس ، كلنا يعرف بما يفكر فيه الآخر. ويظل الجميع صامتا حتى يدق الجرس ، ويختفي الصغار كالفئران ... سيطلقون العنان لتعاليقهم اللاذعة ، وسينضاف إليهم آخرون وآخرون... ولليوم الثاني على التوالي أتجنب المقهى والبقال الذي ينتظر بشغف أن أبادره بالحديث عن فلسطين و البوسنة والعراق والشيشان . فهو مغرم باندفاعي في الحديث و بحدة كلامي ، ومعجب باطلاعي الواسع على مجريات الأمور، ويستغرب قبوعي أياما منزويا عن الخلق... متأثرا بما يجري هناك .
أقبل الليل ، ويتجدد حبي له . لا أطيق الحيطان ، فأصعد إلى السطح . تستلقي المدينة أمامي متثائبة . تخمد حركتها رويدا رويدا . أصوب نظري ناحية الجبل الجاثم فوقها . تبدو المنازل متعلقة به كأنها تخشى السقوط . وأتفحص الدور الآجورية كأني أبحث عن شيء معين . ماذا تخبئ وراءها ؟ كأني بها تكاد تميز من الأنين والحرمان فلا أشعر إلا وأنا أهتف : - أنت...هناك... حذار من طعنة غادرة تخترق جسدك الغض... كفاك طعنات ." هذا السحر، كل شيء فيه لذيذ... السهر ، الحلم ، الألم ، الذكريات . وهذه المدينة المنبطحة في استسلام عند سفح الجبل ، تثير الشفقة... تطوان ، بنت غرناطة ، كما يحلو لمحبيها تسميتها . هواءها سم ، وماءها دم ، والصاحب لا يكون من ثم . هكذا وصفها أحد المجذوبين في القرن ما قبل الماضي . أعصر ذاكرتي لأتذكر اسمه فلا أفلح... قيل إنه كان يذرع البلاد مقرضا الشعر، ثائرا على الوضع . ولازلت أذكر إحدى قصائده الزجلية :
سوق النسا سوق مطيار يا الداخل له رد بالك
يوريوك من الربح قنطار ويضيعوك فراس مالك
لا شك أنه اكتوى بنار إحداهن . حب ؟ انتقام ؟... النساء...خطيبتي ... الدروس الخصوصية . كم من مرة بينت لها موقفي الرافض لها ، لكنها تحثني متعللة بضيق الحال وضرورة الاستعداد للمستقبل . حسنا... سأفعل ، ومن الغد . لا أدري لم غيرت رأيي . في الأيام التي تلت الدخول المدرسي ، أوليت اهتماما خاصا بذلك الشيء العزيز ذي الأسمال المرقعة والرأس الحليق واللكنة الجبلية . وصار من عادتي قضاء وقت طويل في توجيهه ، حتى أثناء الحصص الفارغة ، وفي الطريق . وربما سهوت ، فاستسلمت لخطواتي لأجد نفسي أخترق الزقاق بين دور القصدير ونبات الصبار الشائك فلا يوقظني سوى توقفه ونباح الكلاب . وهناك، عند عتبة بيت الصفيح ، تقف الأخت منتظرة ، مبتسمة ، ثم أنصرف . كنت أحس أني فعلت شيئا ما . ربما كفرت عن ذنب أو حققت رغبة . لكن الأهم أن توتر نفسي انمحى ، وأن قلقي اندثر. وجاء اليوم الذي لم أكن أتوقعه... غاب عن الدرس يوما ، ثم يومين ، فأسبوعا... وجاءني الجواب عن سؤال لم أجرؤ على طرحه... لقد رحل- كما قيل لي- مع زوج أمه وإخوته العشرة . لماذا ؟ وإلى أين ؟ ما جدوى السؤال بعد أن انتهى الحلم ؟ "انتهى كل شيء" ...هكذا واجهتني خطيبتي وهي تتفحص حذائي الملطخ بالوحل :
- عد إلى الوسخ والحقارة من أمثالك . واهنأ بالحثالة بين نبات الصبار...
لم أثر ، ولم أشعر بالإهانة . بل لم أحاول شرح الأمر... سأعود إلى فصلي متفحصا الأجساد والأقدام . سأفتح قليي على مصراعيه حتى يتسع لكل من هب ودب ، ثم أعود إلى المقهى لأندمج في النقاش حول الكرة ، وأعرج على البقال فأخبره أن الدنيا لا زالت بخير... فلفلسطين حجارتها ، وللبوسنة والشيشان رجاله ، وللنفس... كرامتها.






  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مشهديات الصبار~بِقلمي فريدمسالمة فريد مسالمه قصيدة النثر 13 12-11-2013 08:07 AM
وفاة الاديب والقاص عبد الستار ناصر قصي المحمود أخبار الأدب والأدباء 9 09-30-2013 01:53 AM
لنقل شيئاً في عبد الستار ناصر ،،، رحمه الله وقار الناصر أخبار الأدب والأدباء 6 08-08-2013 01:03 AM
مرار الصبار سمية حسن قصيدة الومضة 8 11-23-2012 01:04 PM
أنثى الصبار....أحمد الهاشمي أحمد الهاشمي إنثيالات مشاعر ~ البوح والخاطرة 11 11-01-2011 05:15 AM


الساعة الآن 10:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::