آخر 10 مشاركات
محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )           »          خطاب فلسطيني (الكاتـب : - )           »          الشاعر النحرير...! (الكاتـب : - )           »          من أشد لقطات العمر (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-01-2017, 12:21 PM   رقم المشاركة : 1
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
Wink العهد

العهد

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
في موكبٍ مهيبٍ اِخترق نعشهُ أسواق المدينة القديمة، توقف الحشدُ أمام متجره قليلاً وتابعوا التقدم باتجاهِ المقبرة الحديثة، ابتسم حسان في سرهِ مقابرٌ حديثة ومقابر قديمة ماالفرق بينهماا ياغالِب، استدار الثاني نحو صديقه مُندهِشاً:
ـ هل هذا وقت المزاح؟
ـ لا أمزح يا رجل..
ـ حسناً رُبما كانت المقابر الحديثة أكثر اِتساعاً، وقبورها أكبر مِساحةً ناهيك عن مشروعِ تسييج المقابر، فالمارُ مِن هُناك يعتقد أنها حدائِقُ فسيحةٌ يتوسطها مسجِدٌ ومغاسِلٌ! لا يشعرُ الزائرُ بوحشةً، غير أن رهبةُ الموتِ تبعثُ في النفس الخشوع والتأمل. أذكُرُ والدي الذي وافتهُ المنية قبل أعوامٍ كُنت في أوربا، عِندما اتصلت بي والدتي، كان في صوتها رعشة خوفٍ مُلبدةً بحسرة وتوجس، لا أعلم كيف تمكنتُ مِن حجز تذكرة سفر، كم بعُدت المسافاتُ، وتعقدت الأمور، وكم بدت الحياةُ تافِهَةً!!
كانت السماءُ مُلبدةً بالغيومٍ، تعِدُ بمطرٍ غزيرٍ.. أواسِطُ الربيعِ في أوربا فوضويات فصولٍ، وتراكُمُ همومٍ، هكذا شعرتُ لحظة مُغادرتي منزلي الصغير القابِع في أطراف بلدةٍ صغيرة، فضلتُ عُزلتها، على صخب المُدن هُناك! اِخترقتُ ساحات المطارِ مُسرِعاً، أتلعثمُ بكلماتي، وأُحاوِلُ عبثاً مُداراة دمعي، أو إخفاء وجعي.
تأخرت الطائرة في الإقلاع، بينما بقي الإتصالُ وعائلتي مُضطرباً. ما إن أعلنت المُضيفة موعِد الإقلاعِ، حتى اِزدحمت الصور في ذهني، بدا لي والدي في هيئةِ ملاكٍ، توسد الياسمين، وذهب في نومٍ عميقٍ، كم كان يعشقُ رائحة الياسمين، بل ومن وصاياهُ أن يسور قبرهُ بالياسمين! لن يكون كُل شيء على ما يُرام، رحيل الأب عن حياةِ أبنائهِ أمرٌ صعبٌ للغاية، تشعرُ بعودتِك طِفلاً، تُداعِبهُ أنامِلُ والده بحنانٍ يدعوك لِتكون رجُلاً، واثِقُ الخُطا تُمضي بقية حياتِك.
وصلتُ مدينتنا مساءً، كانت تتلألأ بين الأنوارِ هادِئةً، وعلى أكتافِ البيوتِ العتيقة عربشاتُ الياسمين، التي تستدِلُ عليها مِن رائحتها كُلما اقتربتَ مِنها، بدأتُ أشعرُ بِالضيقِ وتسارعِ أنفاسي، ارتعشت أصابعي كثيراً، كيف سأحضنُ جسد والدي، كيف سألقنهُ عباراتُ الوداعِ، سيكونُ كُلُ شيء صعباً عليَّ..
في النهاية وجدت نفسي في منزلنا الذي اِكتسى الحُزن أركانهُ، كانت روائِحُ المِسكِ، وبقايا أنفاسِ أبي عالِقةً فوق سريرهِ، لم يكن مُمدداً كما خِلتهُ، ولم يكن بهيئةِ ملاكٍ كما توهمتُ، لقد رحل والدي إلى مثواهُ الأخير قبل أن ألتقي بِهِ، قبل أن أحضِنُهُ، وقبل أن أُستودعهُ الكلماتُ الخمسة التي كان يوصيني بِها :الصدق، الأمانة، الإخلاص، الوفاء، والتضحية، زادُنا في الحياة، وخزينتُنا للآخرة.
توقف غالِب عن الكلام دامِعاً، بينما بدأ موكِبُ التشييعِ دخولَ المقبرة الحديثة، لِتبدأ مراسيمُ دفن صديقهم عامر.
كانت اللحظات طويلة حدّ السماء، وجُدران الجامعِ كما لو أنها اِعتادت حالات الحُزن حتى سكنها. تمت صلاة الجِنازة بسلامٍ، ليبتعد بعدها غالِب عن صديقهِ حسان، ويذهب حيثُ روائح الياسمين التي ضج قبرُ والِدهِ بها. اِقترب الرجلُ الطِفلُ مِن ظِلالِ والدهِ، بدا القبرُ لهُ شفافاً، اِحتضَنُ والدهُ بِكُل أمانةً، لِتسري بين شرايينهِ حالةٌ مِن الوجد، داراها طيلة أعوامٍ كم اِشتاق لِضمِ جسده الناحِل الذي أنهكهُ المرض، لم يقو على كبتِ جماحِ شوقهِ، اِنفجر في داخِلهِ الطفلُ باكياً، لِتزدحِم العِباراتُ بين شفتيه:
أبي، أبي..
سادَ المكانُ حالةً مِن الهدوء بعد دفنِ عامر، كان الأسى قد علا الوجوه، بينما يستعِدُ المُقرئ لِتلاوة القرآن تفقد حسانُ صديقَهُ الذي اِختفى تذكر روائح الياسمين التي حَدّثهُ عنها، اِقترب حيث عربشاته فوق ضريح والِدهُ التي بللتها قطراتُ غيمةٍ عابِرةٍ تارِكةً المكان رطباً ندياً حيثُ صدمتهُ جُثةُ غالب التي كانت مُمددةً وفاءً لِروائِح الياسمين!



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة













التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أواخِر العهد رياض شلال المحمدي الشعر العمودي 17 09-04-2016 08:22 AM
على العهد ......لروح الشاعر أحمد شوقي نوري دومي الشعر العمودي 11 03-16-2014 05:59 PM
" ولي العهد " سنا ياسر القصة القصيرة جدا (ق.ق.ج) 13 09-29-2012 07:14 PM
العهد العربي حاج صحراوي الشعر العمودي 6 06-27-2012 08:21 AM


الساعة الآن 09:17 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::