{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} يعنى وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها. ورفعه على الابتداء.
وخبره يَوْمَئِذٍ.
والْحَقُّ صفته أى: والوزن يوم يسأل الله الأمم[1] ورسلهم لوزن الحق، أى العدل.
وقرئ: القسط.
واختلف في كيفية الوزن فقيل: توزن صحف الأعمال بميزان له لسان وكفتان، تنظر إليه الخلائق، تأكيداً للحجة، وإظهاراً للنصفة، وقطعاً للمعارة، كما يسألهم عن أعمالهم فيعترفون بها بألسنتهم، وتشهد بها عليهم أيديهم وأرجلهم وجلودهم، وتشهد عليهم الأنبياء والملائكة والأشهاد، وكما تثبت في صحائفهم فيقرءونها في موقف الحساب.
وقيل: هي عبارة عن القضاء السوىّ والحكم العادل {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ}جمع ميزان أو موزون، أى فمن رجحت أعماله الموزونة التي لها وزن وقدر وهي الحسنات. أو ما توزن به حسناتهم.
وعن الحسن: وحقّ لميزان توضع فيه الحسنات أن يثقل.
الإعراب
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) الواو استئنافية والكلام مستأنف لتقرير وزن الأعمال يوم القيامة بميزانها الحق الثابت الذي لا يطيش به الموزون، لامتحان الخلق وإظهار حكم العدل، وإقامة الحجة على الناس.
والوزن مبتدأ، وفي الخبر وجهان: أحدهما هو الظرف«يومئذ»، أي: الوزن الحق كائن أو مستقر يومئذ، أي يوم يسأل الرسل والمرسل إليهم، فحذفت الجملة المضاف إليها «إذ» وعوض منها التنوين. وقد تقدم بحث هذه المسألة.
وفي الحق على هذا الوجه أوجه: منها أنه نعت للوزن، أي الوزن الحق كائن في ذلك اليوم، ومنها أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه جواب سؤال مقدر من قائل يقول:ما ذلك الوزن؟ فقيل: هو الحق لا الباطل، وثاني الوجهين في خبر «الوزن» أن يكون الخبر «الحق» و «يومئذ» على هذا الوجه متعلق ب «الوزن»، أي: يقع الوزن يومئذ.
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفاء استئنافية، ومن اسم شرط جازم مبتدأ، وثقلت فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وموازينه فاعل، والفاء رابطة لجواب الشرط، واسم الاشارة مبتدأ، وهم مبتدأ ثان، والمفلحون خبر «هم»، والجملة الاسمية خبر اسم الاشارة.
ويجوز أن يكون «هم» ضمير فصل لا محل له، والمفلحون خبر أولئك، وجملة «فأولئك هم المفلحون» في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر «من»
[1] قوله «أى والوزن يوم يسأل الله الأمم» هذا إنما ينبنى على أن يومئذ متعلق بالوزن، والحق خبر. أما على ما قاله، فالتقدير: ويوم يسأل الخ، ويمكن أن مراده: والوزن كائن يوم يسأل الله الأمم ورسلهم، أى الوزن الحق، وكان الأقرب: أى والوزن الحق يوم يسأل ... الخ