رينيه ديكارت هو أكبر فلاسفة فرنسا ، وإمام الفلسفة الغربية الحديثة ورائد الاتجاه العقلى في أوربا . إذ أن العقل عنده هو أعدل الأشياء قسمةً بين الناس وحظوظهم منه متساوية ، بغض النظر عن اختلافهم في الأجناس واللغات والعقائد والأوطان . الشك من أجل اليقين
ولما كان مطلوب الفيلسوف بلوغ "اليقين" الذى يمكن أن يقيم عليه بناء العلم كله ، فقد صمم على أن يشك في كل ما تعلمه من قبل ، وأن يمضى في هذا الشك إلى أبعد حدوده ، بادئا النظر كله من جديد وكأن عينيه تتفتحان لأول مرة على العالم من حوله .
إذن فالخطوة الأولى التي يقضى بها المنهج الفلسفى هي (تعليق) آرائنا عن الأشياء ووقف أحكامنا عليها ريثما نتبين حقائقها . وبهذا صح أن الفلسفة الديكارتية قد سلكت مسلكا فريدا في التاريخ الفكرى : سار الفيلسوف من النفس إلى الله مباشرة وبغير واسطة . ولم يرد أن تكون معرفتنا لوجود الله عن طريق العالم - كما صنع غيره من الفلاسفة واللاهوتيين - بل رأى على العكس من ذلك أن المعرفة بوجود العالم هي التي تحتاج إلى وجود الله سندا لها .
والتدليل على وجود الله من وجود النفس بسيطٌ ميسور : فأنا موجود ، وفى نفسى فكرة "الكائن الكامل" . وعلى هذا الأساس أقام الفيلسوف أدلةً ثلاثة ، أدقها الدليل المشهور باسم (الدليل الأنطولوجى) وقد سُمى كذلك لأنه يستخلص وجود الله من نفس تعريف الله أو معناه : فإننا إذا علمنا أن الله هو الكائن المتصف بجميع الكمالات ، رأينا توا أن الله متصفٌ بالوجود باعتباره كمالا من الكمالات .
وسنُتابع مع فيلسوفنا الكبير باقى حديثه فى حلقةٍ قادمة .