مع كل صباح تتساقط حبات الندى تروي عيدان الأرض الخضراء إلا نبات الوحدة . فسالت أبى عن اسمه فقال : نبات .. نبات ........ فربطت بينه وبين انساب البشر – وقلت لنفسي : العرق يمد لسابع جد . فغمرني أبى بأصابعه الغليظة في قلبي .. فتألمت .. وسقطت من عيني قطرات من الدموع بلون حبات الندى ولكنها لم تسق عيدان الحزن المتشعبة مثل نبات الهلوك في قلبي ويشق طريقه ببطء إلى عقلي .. وبعد لحظات أزعجني صوت حانوتي البلدة : وحدوه .. وحدوه .. إنا لله وإنا إليه راجعون . فأحسست أن الموت يلمس جسدي وتمنيت أن أودع كل من كرهني .. فهبت ريح باردة .. أصبت على أثرها ببنج النوم .. ورأيت كابوس عمري ينتهي بثلاث موتات : ذبحة .. سكتة .. جلطة . والناس حولي يشيرون إلى عيدان الأرض اليأبسه .. ولم يوقظني من هذا الكابوس المزعج إلا صوت أبى : هتطلع الجبانة وراء المرحوم .. ها .. هتطلع .. ولا .... فتركت أبى وأسرعت إلى ارض الله لعلي أجد حبات الندى لتغسل حزني داخل ارضي .. فرفعت كفي إلي السماء كي التقط حبات الندى .. فتسلل ضوء الشمس إلى عيني .. فاستيقظت .. وضحكت وبكيت .. وما زلت ابكي وأضحك حتى شق الندى بحرا داخل ارضي .. بل قلبي .