يتخذ الشباب الملحد بالله أصناما غير مرئية يعبدونها ويتقربون لها زلفى . وهى كأصنام العرب فى الجاهلية ، اللات والعزى وهبل .. وما شاكلها من الأصنام الحجرية . والفرق بينها وبين أصنام الجاهلية هو أن الأخيرة كانت حجرية وتُقدم لها الذبائح . أما أصنامهم فهى معانٍ ك" الطبيعة " و " الأزل " و " الصدفة " و " نظرية التطور " و " العلم " .. إلخ إلخ . أما الطبيعة فهى حركة جمادات كحركة الكواكب والنجوم والنيازك الصخرية والعواصف .. إلخ إلخ كلها جمادات لا حياة فيها ولا تتحرك من تلقاء نفسها وتحتاج إلى سببٍ يحركها . والملحد يعتقد بأن هذه الجمادات يحركها الصنم " صدفة " وقد مرت ملايين السنين تتحرك هكذا ، بالصدفة ، مما نتج عنه وجود هذا الكون الهائل المحكم . لا تسل الملحد عن أصل وجود الشيئ ، كأصل وجود الكواكب وأصل وجود الشمس والنجوم والنيازك والأرض .. إلخ فالإجابة بديهية : الصنم الأكبر " الطبيعة " هو الذى صنعها صنعا وألقى بها فى الكون ، يعاونه فى ذلك الصنم " أزل " . ثم دبت الحياة فى كوكب الأرض . الصنم " صدفة " ألقى بخلية حية فى مستنقعات الأرض الدافئة ، ثم تولى الصنم " تطور " مهمة تطوير تلك الخلية تدريجيا إلى حشرات وكائنات مائية وبرمائية وكائنات تطير بجناحين وحيوانات تعيش على الأشجار فى الغابات .. إلخ واستغرق الأمر ملايين السنين لتتويج ذلك التطور بظهور الإنسان الناطق العاقل . الغريب فى الأمر أن أصنام الملحدين ، رغم كونها أشياء مجردة إلا أنها متعاونة مع بعضها البعض . فالصنم " طبيعة " دأب على تهيئة الظروف لما يطوره الصنم " تطور " من كائنات حية فأعد لها الأوكسجين والنيتروجين وثانى أكسيد الكربون والأنهار العذبة .. إلخ إلخ . كذلك أعد الصنم " الأزل " شمسا مضيئة لنمو النباتات وجعل الأرض تدور حول نفسها ليتقلب الليل والنهار وهيأ الصنم " طبيعة " للأرض بعدا مناسبا عن الشمس ، وزوّدها بجاذبية موزونة تيسّر الحركة والحياة لمخلوقات زميله الصنم " تطور " . وسنرى فى الحلقة المقبلة مجالات التعاون العديدة الأخرى بين أصنام الملحدين " الطبيعة " ، " الصدفة " ، " التطور " ، " الأزل " ، " العلم ".. وباقى الأصنام .
آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 07-16-2019 في 02:24 PM.