سطور من كتاب ( نقاشات وردود ) للكـــاتب المصــرى
محمد فريد وجـــدى .
نعرف أن أصحاب النبى قد وفّــــوا ، وهم يؤسسون الإمبراطورية الإسلامية بجميع ما وعدوا به العالم من المســــاواة والعدل والرحمة . وبأنهم رفعوا شأن كل أمة افتتحوا بلادها درجاتٍ عما كان عليه . وأنهم تأثموا عن ارتكاب مثلما ارتكبته الأمم الفاتحة التى سبقتهم من إذلال المقهورين وسلب أموالهم ، واضطهادهم ليدخلوهم فى ملتهم .
وأحسن ما نقدمه للقراء دليلا على كل ما قلناه شهادة عالم من أشهر علماء أوربا هو الدكتور جوستاف لوبون . قال فى كتابه ( حضارة العرب ) : كان يمكن أن تُعمى فتوح العرب الأولى أبصارهم ، فيقترفوا من المظالم ما يقترفه الفاتحون عادة . ويسيئوا معاملة المغلوبين . ويقهروهم على اعتناق دينهم الذى كانوا يرغبون فى نشره فى أنحاء العالم . ولو فعلوا ذلك لتألبت عليهم جميع الأمم التى كانت بعد ، غير خاضعـــة لهــــم ، ولأصابهم مثل ما أصاب الصليبيين عندما دخلوا بلاد ســـــورية مؤخــــرا . ولكن الخلفاء السابقين الذين كان عندهم من العبقـــرية ما ندر وجوده فى دعـــاة الديانات الجديدة أدركـــوا أن النظـــم والأديان ليســــت ممــا يفرض قســــــرا . فعاملوا أهل ســــورية ومصـــــر وإســـــبانيا وكل قطــــر استولوا عليه بلطــــف عظـــــيم . تاركين لهم قوانينهم ونظــــمهم ومعتقـــــداتهم ، غير فارضـــــين عليهم ســــوى جــــــزية زهــــــيدة - فى مقـــابل حمايتهم لهم وحفظ الأمن بينهــــم . والحـــق أن الأمم لم تعرف فاتحـــــين راحمــــــين متســـــامحين مثل العرب .