كتب استاذي سعادة الدكتور والمفكر الكبير أبو الفضل ناجح ابراهيم عبد الله حفظه الله تحت عنوان. :
"شاعر مسيحي يُسلِّم على النبي "
وتم نشرة في جريدة الوطن
بتاريخ 17/10/2202
وهذا هو نص المقال:
شاعر مسيحي يُسلِّم على النبي
بقلم د/ ناجح إبراهيم
• دُعى الشاعر اللبنانى المهاجر رشيد سليم الخورى، الملقب بـ(الشاعر القروى)، وهو شاعر مسيحى، إلى حفل بمناسبة المولد النبوى الشريف فى مدينة «سان باولو بالبرازيل»، وطُلب منه أن يلقى كلمة فى الحاضرين، فقال: أيها المسلمون أيها العرب يولد النبى على ألسنتكم كل عام مرةً، ويموت فى قلوبكم وعقولكم وأفعالكم كل يوم ألف مرة، ولو ولد فى أرواحكم لولدتم معه، ولكان كل واحد منكم محمداً صغيراً، ولكان العالم منذ ألف سنة أندلساً عظيماً، ولالتقى الشرق بالغرب من زمن طويل، ولعقدت المادة الغربية مع روح الشرق المسلم حلفاً، ولمشى العقل والقلب يداً بيد، إلى آخر مراحل الحياة.
• ثم أردف قائلاً: أيها المسلمون، ينسب أعداؤكم إلى دينكم كل فرية، ودينكم من بهتانهم براء ولكنكم أنتم تصدقون الفرية بأعمالكم، وتقرونها بإهمالكم، دينكم دين العلم وأنتم الجاهلون، دينكم دين التيسير وأنتم المعسِّرون، دينكم دين الحسنى، وأنتم المنفرون، دينكم دين النصر ولكنكم متخاذلون، دينكم دين الزكاة ولكنكم تبخلون.
• ثم أكمل حديثه: يا محمداً يا نبى الله حقاً، يا فيلسوف الفلاسفة وسلطان البلغاء ويا مجد العرب والإنسانية، إنك لم تقتل الروح بشهوات الجسد، ولم تحتقر الجسد تعظيماً للروح، فدينك دين الفطرة السليمة، وإنى موقن أن الإنسانية بعد أن يئست من كل فلسفاتها وعلومها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعاً، سوف لا تجد مخرجاً من مأزقها وراحة روحها، وصلاح أمرها إلا بالارتماء بأحضان الإسلام، عندئذ يحق للبشرية فى مثل هذا اليوم أن ترفع رأسها وتهتف ملء صدورها، وبأعلى صوتها.
• ثم أنشد قائلاً:
عيد البرية عيد المولد النبوي..
فى المشرقين له والمغربين دوي
عيد النبى بن عبد الله من طلعت..
شمس الهداية من قرآنه العلوي
بدا من القفر نوراً للورى وهدىً..
يا للتمدن عمَّ الكون من بدوي
يا فاتح الأرض ميداناً لدولته..
صارت بلادك ميداناً لكل قوي
من كان فى ريبة من ضخم دولته..
فليتلُ ما فى تواريخ الشعوب روي
يا قوم هذا مسيحى يذكركم..
لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة..
فبلغوه سلام الشاعر القروي
• وكان يسمى رشيد الخورى «قديس العروبة»، حيث كان يفخر بالعروبة ولا ينساها أبداً رغم هجرته إلى البرازيل وسكنه فيها معظم سنوات عمره، ولم يحب «الخورى» النبى محمداً فحسب، بل أحب النبيين جميعاً ومنهم المسيح، عليه السلام، وبلغ من تعلق قلبه بالنبى محمد قوله: «وأى أديب يهيم بالحكمة لا يخر ساجداً للحديث الشريف والقرآن».
• وفى حفلة عيد الفطر عام 1933 قال: «أكرم هذا العيد تكريم شاعر يتيه بآيات النبى المعظم».
• وقد استطاع «الخورى» المزج بين رسالتى محمد والمسيح، عليهما السلام، مزجاً رائعاً بقوله: «أى علم من نسج عيسى وأحمد وآمنة فى ظله أخت مريم».
• ويعد الشاعر الخورى من حكماء العرب، ومن حكمه الرائعة:أغضب صديقك تستطلع سريرته.. للسر نافذتان السكر والغضب
• ومنها قوله: تذوقت أنواع الشراب فلم يسغ.. بحلقى أشهى من حلال المكاسبونمت على ريش النعام فلم أجد.. فراشاً وثيراً مثل إتمام واجبى
• ومنها قوله: لا شىء فى الدنيا أحب لناظرى.. من منظر الخلان والأصحاب وألذ موسيقى تسر مسامعى.. صوت البشير بعودة الأحبابالشاعر الخورى نوع نادر فى دنيا العرب لسماحته ورحمته ومحبته للخلق والكون، والحقيقة أننى لم أجد نظيراً لهذا الرجل، ونداؤه للرسول: «فبلغوه سلام الشاعر القروى» تهزنى من أعماقى، وكأننى أناديك: «وصل سلامك وتحيتك ومدحك يا سيدى».
• ومن كريم عفو هذا الشاعر أن ناقداً ظل يصليه بالنقد دون مبرر ويقول إنه قروى «تصغيراً له»، فإذا به يختار لنفسه هذا اللقب ليريه أنه لا يأبه بذلك بل يسعده ذلك.
• سلام على القروى الذى أنصف الأنبياء وعلى رأسهم النبى محمد.