هامش:
كانت غاليتي (ميسون) تنزف على سريرها
في المستشفى.. وكأَنّها على موعدٍ
مع نزيف لبنان..!؟!
------------------------
لبنـانُ.. مـاذا بَعْـدُ يـا لُبْـنـانُ=قُتِـل الهـوى.. وتآكَـلَ الوجـدانُ
تتداخـل الأشيـاءُ جامحـةَ الخُطـى=وينَـوءُ كالزّمـن الـرديءِ مكـانُ
وعـلـى المـداخـل تَسْتَـمـيـتُ=خيولنا والحاكمون جميعهـمْ أوثـانُ
يتَزَعَّمـون الصّمـت فـي أفعالهـم=ويُطَبِّلـون فتَنْتَشـي الـجُـدرانُ!؟!
يتشَـدَّق الإعـلام فـي بحبـوحـةٍ=وتنام في مقـل الضّبـابِ سِنـانُ!!
لبنان.. ماذا بَعْدُ؟؟ هل مـن سائـلٍ=عنّـا.. وهـل تتجسّـد النيـرانُ؟؟
(ميسون) تنزِف من دمي وتَهُزُّنـي:=(بابا).. متـى يستيقـظ العُرْبـانُ؟؟
عَرَبٌ!؟وهل تُجْدي الحروف إذا انْتَقى=حَرَكاتـهـا مُتَـخـاذِلٌ وجـبـانُ؟؟
عربٌ!! لَكَمْ عِشْنـا علـى أبوابهـا=من غير مَعْنـىً نُسْتَبـى ونُهـانُ!!
كنّـا نُعَلَّـبُ فـي بـلاطِ عروشهـا=غَنَماً.. وتَرْعـى شُلْوَنـا الذُؤْبـانُ
كُنّا.. ومات الأمـس رغْـم نُيوبِـهِ=وتفَجَّرتْ مـن عمقنـا الأحـزانُ!!
أنا يا أبي رغْم النّزيف أعيـش فـي=عمق الهـوى.. وتعيشنـي لبنـانُ
أنا أَرْزَةٌ في القدس تعرف سحرهـا=(صَيْدا).. ويعشق ضوءها (مَرْوانُ)
أفْتَكُّ مـن نـابِ المَنـونِ مشيئتـي=وأَضـوعُ مهمـا عرْبَـدَ القُرْصـانُ
أنا في رَحى (الدّامورِ) كفُّ مجاهِـدٍ=وعلـى (المَطَلَّـةِ) ثـورةٌ وكـيـانُ
أَتَعَقَّـبُ النّـازِيَّ.. أحصـد حلمـهُ=وأظـلُّ أنـزف والسِّـلاح مُصـانُ
مهمـا تَكَبَّـرَتِ الظِـلالُ.. ولُمِّعَـتْ=مِرآتُهـا سَتَدوسُهـا الفـرسـانُ!!
لبنـان يـا أَبَتـاهُ فـي أكبـادِهـا=وُلِدَ الهـوى.. وتَرَعْـرَعَ الإيمـانُ
أسطورة الزّمـن الـرديءِ تَبَخَّـرَتْ=فوق البنادق وانْجَلَـتْ (بيسـانُ)!!
لا سجنَ بعْـد اليـوم يُلْجِـمُ خيلنـا=بُعِـثَ السَّجيـنُ ومُـزِّقَ السَجّـانُ
تَنْصَبُّ في لحـم التّـرابِ عروقنـا=مطراً.. فيَنْبِضُ في الثَّرى الشِّريانُ!!
أَبَتاه!! هـل جَمَـلُ المحامِـلِ دائِمـاً=في النّار.. والوطن الكبيـر دِنـانُ؟؟
أَيَظَلُّ هـذا النّفـط يشـرب عمرنـا=والشّارِبـان: الخمـرُ والسِّيقـانُ؟؟
فالنّابحون الصِّيـدُ.. هـذا مطـربٌ=وَقِـحٌ.. وذاكَ مُحَـدَّبٌ.. سـكـرانُ
وهناكَ في عُـبِّ المسافـة مُطْـرِبٌ=باسم الجهاد.. مُسـاوِمٌ.. ثُعْبـانُ!؟!
والمطربـون الآخـرون تَـوَزَّعَـتْ=أدْوارهـم.. وتأَجَّـلَ الإعــلانُ!؟!
فالمـوت يفتـح شِدْقَـهُ مُتَـغَـزِّلاً=بدمي.. و(صَيْـدا) كالخليـلِ تُصـانُ
والنّفـط يسْحـب ذيلـهُ مُتَشامِخـاً=وعليهِ مـن زَبَـدِ السِّبـاقِ رِهـانُ
أبتـاهُ!! هـذي لعـبـةٌ مجنـونـةٌ=يُغْتـال فيهـا الـحـبُّ والتَّحْـنـانُ
سَقَطَتْ مرايا التوتِ عن عوْراتِهـم=أَوَ بَعْـدَ ذلـكَ ينتَخـي الغِلْـمـانُ؟؟
-ميسون.. إنّ الصّمت أصدقُ شاهدٍ=يـوم الحسـاب بأَنّـهـم أَقْـنـانُ
يتراكضون إلـى الـوراء صراحـةً=والأرْزُ يَصْهَلُ: لَيْتَهُـمْ مـا كانـوا!؟
ما زلتُ في هُدْبِ (الجنوب) رصاصةً=جَذْلى تَصيح: متـى يَحيـنُ أَوانُ؟؟
لبنان.. نحن نمـوت فـوق زنادنـا=والمسـرح القومـيُّ فيـكِ مُــدانُ
كلّ الطريـق إليـكِ أصبـح مُغْلَقـاً=والعاشِقـان: الليـل والقُضْـبـانُ!!
بيروت تشرب من دَمـي وتَضُمُّنـي=وَلْهى.. ونـارُ المُطْربيـن دُخـانُ!!
تلكَ الوجـوه تَتَمْسَحَـتْ وتجـذّرَتْ=في الوَحْلِ.. والزَّمن الخَصِـيُّ أَمـانُ
بيـروت تحرقنـا علـى أشجارهـا=غَيْري.. ويَحْرِق ظِلَّنـا الطُّغْيـانُ!!
مُتَآمِـرون.. أَجَـلْ فـلا تسْتَغْربـي=أبـداً إذا مــا هُـرِّبَـتْ أوطــانُ
باعوكِ في وَضَحِ النّهار.. وأَحْكَمـوا=قَيْدي.. وأَرْعَدَ فـي الدُّجـى خَـوّانُ
وتسابقوا فـي النَّعْـيِ قبـل أوانـهِ=واسْتَسْلَموا باللَّفْـظِ حيـن أَدانـوا!؟
باعوكِ ك(اللّطرون) واحترفوا الهوى=زوراً.. وبِيـع الإسـم والعنـوانُ!؟
لبنان!! يا وطني.. أَتَعْـرِفُ (غَـزَّةٌ)=إنّـي أمـوت هنـا ولا أَنْـهـانُ؟؟
لبنان!! هلْ حلـم الجليـلِ بعودتـي=يبقى,, ويبقـى الرّائـعُ الإنسـانُ؟؟
مُهْري الجِمـوح مُحاصَـرٌ ونزيفـهُ=تَمْتَـدُّ فـي خلجـاتـهِ الأشـجـانُ
وتكـاد تَبْلَعـه الخُطـوب.. وكُلُّهـم=مُتَآمـرون.. وكُلُّـهـم أعــوانُ!!
حُكّامُنـا لاطـوا بـكـلِّ مُنـاضِـلٍ=حُرٍ.. وغـاب الشّعـب يـا لبنـانُ
الشّمس تَلْعَقُ جرحها.. وشوارعـي=تَغْلـي.. فهـل يتَدَفَّـقُ الغَلَـيـانُ؟؟
أَوَ بعـد هـذا الذّبـح يَنْبَـح حاكـمٌ=مُسْتَوْعَـبٌ.. أو ينتَخـي سلطـانُ!؟
فمن المحيط إلـى الخليـج عصابـةٌ=تَزْنـي.. متـى يتَفَجَّـرُ البركـانُ؟؟
ستظـلُّ ملحمـة الصُّمـود مَوارِجـاً=غَضْبى.. وتبدأ من دمـي الأزمـانُ
فأنا وأنتِ النّخـل مهمـا اسْتَنْزَفـوا=هَمِّي.. واَحْكَـمَ طوقـهُ (ريغـانُ)!؟
تَتَحَطَّـمُ الأمـواج فـوق ضلوعِنـا=ويَشُبُّ من تحت الرُّكـام حصـانُ!!
أَبُنَيَّتي.. ماذا تَريْـنَ.. ومـا الـذي=يجري؟؟ ومـاذا ينْفَـعُ الهَيَجـانُ؟؟
النّـزْفُ يأكـل مقلتيـكِ وهـا أنـا=قُـرْبَ السّريـر مُعَـذّبٌ.. حَيْـرانُ
وتكاد تقتلنـي الظّنـون.. وصُفْـرَةٌ=في الوجهِ تشـرب نَخْبهـا التِّيجـانُ
بينـي وبينـكِ يـا بُنَيَّـةُ طَلْـقَـةٌ=سدَّدْتُـهـا فَتَـهَـرَّبَ الـخُــلاّنُ
كمْ مـرّةٍ شَقّـوا الصّـدور ولَوَّنـوا=قتلـي.. فَجَفَّـتْ دونـه الألـوانُ!!
واليوم نُذْبـح مرّتيـن.. وتُسْتَبـى=بيروت.. والشّرف الرّفيع (بيانُ)!؟!
تتراكـض الكلمـات دون تَكَـلُّـفٍ=حيناً.. وحينـاً تركـض الأوزانُ!؟!
ماذا جرى؟؟ هل ناقِلاتُ النّفـط مـا=زالتْ تُداعِـبُ حلمهـا الشُطْـآنُ؟؟
وهل الوُلوجُ إلى السُّيـوف جريمـةٌ=كُبْرى.. ومُنْتَطَحُ الشّعـوب يُـدانُ؟؟
ماذا جرى ميسون؟؟ كيف تَقَوْلَبَـتْ=لغة الرَّصـاص وأُفْـرِغَ الميـدانُ؟؟
عَرَبٌ.. وربِّكِ لستُ أومِـنُ مُطْلَقـاً=أنَّ الـذيـن تـآمـروا عُـرْبـانُ!!
مـا قيمـة العربـيِّ وَهْـوَ مُشَـرَّدٌ=عن سيفهِ.. ومُطـاردٌ.. ومُهـانُ؟؟
مـا قيمـة العربـيِّ حيـن تَحُـزُّهُ=سِكِّينُـهُ.. ويبيـعُـهُ السّلـطـانُ؟؟
ميسون.. أَكْبَرْنا الجراح ولـم نـزلْ=نُعْطـي.. فنحـن المَـدُّ والطوفـانُ
سَتَرَيْنَ رَغْمَ الموت كُـلَّ عروشهـم=تَهْـوي ويبقـى وجْهُنـا الفـتَّـانُ
سَتَرَيْـنَ خارطـة البـلاد عَريـبَـةً=ب(الفِعْلِ) لا بالقولِ.. يـا لبنـانُ!!
المدية في: 10-06-1982م
من ديوان: ميسون وسرطان الموقف الصعب