هاشم سلامة- بالرغم من التكنولوجيا والرفاه الذي توفره الاختراعات الحديثة، فإن هذا العصر يوصف بانه عصر القلق والاضطرابات النفسية. وقد يكون قلق الكبار بحكم تحملهم لمسؤوليات العيش والعمل من اجل توفير افضل ما يمكن من رفاهيات الحياة.. لكن ماذاعن قلق الاطفال..ولماذا يقلقون؟ وهم المعالون الذين يفترض ان يوفر الغير لهم سبل الحياة.
يعرف القلق بأنه حالة اضطراب وحالة نفسية مصحوبة بالتوتر والشعور بالضيق والخطر احيانا ويصاحب هذا التوتر اختلالات فسيولوجية، كاضطراب الغدة الدرقية وخفقان القلب واختلال عمل الغدد الصماء ويعتبر القلق استجابة انفعالية لخطر يخشى وقوعه. فماذا يمكن ان يكون القلق عند الصغار، ومااسبابه وعلاجه وكيف يمكن تجنبه؟ يولد الطفل مزودا باستعداد عام للقلق وغيره من الامراض، وقد تلعب عدة عوامل منهاوراثية ونفسية وبيئية واجتماعية.. دورا كأسباب لهذا القلق.
العوامل الوراثية والفسيولوجية: دلت الدراسات على ان التوائم تتشابه في استجابتها للمؤثرات الخارجية والداخلية، فقد ثبت ان هنالك 15% من اخوة وابناء ممن يعانون من القلق، يعانون هم منه كذلك. مما يشير بان الاطفال يمكن ان يرثوا القلق من آبائهم، اضافة الى اختلال موروث ف يعمل النواقل العصبية كالسيروتونين والنور ادرينالين.
العوامل النفسية: بالرغم من تعدد الاسباب النفسية لقلق الاطفال كعدم الشعور بالامن الداخلي، وعدم التمتع بالاستقرار العائلي، فان هنالك اسبابا تساهم في زيادة هذا القلق، كتأنيب الآباء لاطفالهم، وفي هذه الحالة لا يستطيع الطفل المؤنب الدفاع الصريح عن نفسه، فينكبت فيه شعور بالاحباط الذي سيترجم الى قلق فيما بعد. وهنالك من الاسباب النفسية الطفل الذي لا يبدع في المدرسة.. وذاك الذي لا يستطيع التعامل السليم مع اقرانه واخوته ومعلميه ووالديه، وذلك الطفل ذو الاهداف الكبيرة ولا يستطيع تحقيقها.
العوامل البيئية والاجتماعية: يقول العلماء المهتمون بهذا الجانب ان التغيير في المسكن والمدرسة خصوصا اذا كان هذا التغيير من الافضل للأسوأ، يولد الشعور بالقلق، وان الاطفال في البيئة الحرمانية التي لا توفر لهم متطلبات حياتية كافية كفقر الاسرة وتدني دخلها وجهل الوالدين، سيعانون من القلق اكثر من نظرائهم في بيئة باذخة. من ناحية اخرى تشير الدراسات الى ان اضطراب العلاقة بين الطفل ووالديه، ومحيطه واخوته تقود اليحالة من القلق لدى هذا الطفل.
العلاج والوقاية: ربما تكون الوقاية والعلاج للقلق اكثر صعوبة منها في الامراض العضوية، بسبب عدم وضوح الشكوى، فالطفل القلق لا يقول لوالديه: انا قلق كما ان القلق ربما يكون مكبوتا لا يلاحظه احد.. الا ان العلاج والوقاية يتمثلان بمراجعة الطبيب المتعامل مع المشكلة.
العلاج الطبي والرعاية النفسية: يحدد الاطباء المختصون اجراءات العلاج النفسي باستخدام الادوية المهدئة الخاصة بالاطفال وجهازهم العصبي، وهذا جانب طبي محض، ويجب ان يرافقه مجموعة من الاجراءات من قبل الاهل بالاستعانة بالمؤسسات المتخصصة:
1- اخراج الطفل من دائرة القلق بتحسين الظرف المعيشي.. وادخال جو من الامن النفسي اليه.
2- المزيد من اهتمام الوالدين بمنحه الدفء العاطفي، والشد من ازره في دروسه، وعدم الغضب من اخفاقه بالدروس، بل بافهامه ان الفشل ليس نهاية مطاف الحياة وانه بمحاولة اخرى سينجح.
3- تغيير جو الطفل باصطحابه في نزهة او رحلة خفيفة.
4- تشجيع الطفل على التصريح بانفعالاته، واعتماد سبيل الحوار معه من اجل توضيح هذه الانفعالات واتاحة الفرصة له ليفرغ هذه الانفعالات.
5- الاصغاء الجيد للطفل وسماع شكواه والتعامل مع هذه الشكوى باهتمام حتى يشعر بانه موضع اهتمام ورعاية من اسرته.
6- تحسين العلاقة بينه وبين اخوته، وابعاد السلوكيات العدوانية من تصرفات اخوته، حتى يشعر بمزيد من شعور الاخوة المعتاد.
7- اعتماد حوارات جماعية بالاسرة وان يعبر كل طفل عما في خاطره واشراك الاطفال في وضع الحلول والمعالجات.
8- المزيد من اهتمام الاسرة باطفالها، والانتباه لمشاكلهم والعمل على حلها حتى يشعر الاطفال بانهم مهمون لدى اهلهم.. وان يشعروا بأنهم موضع حب ورعاية.