أقساهما ليلهُ لكنهُ فعلا= وجهٌ تفصدَ في ليلِ الأسى مقلا
وجهٌ يحدقُ كانَ الكاف في يدهِ= والنون فرَّ فظلَ الكاف مشتعلا
بعضُ التراب على أردانهِ قبلٌ= وفي الترابِ يغطي وجههُ القبلا
خلفَ السراب بنى بيتاً وبوصلةٌ= تشيرُ للأين إن في لحظةٍ سألا
رمى عباءتهُ الإسراء فالتقطتْ= ثقوبهُ الماء والأسماء والجُملا
يعدو إليَّ يريني طيفهُ جسداً= أكاد ألمسهُ يرتد منفعلا
يذيبُ حولي خبالَ الجوع يقفزني= يكفي أصيح كفتني أذنهُ خبلا
يؤثثُ المدنَ البلهاء يعصرها= حتى إذا نضجت تيجانها انتقلا
يهدهدُ الشارعَ المسكين يلعقهُ= ويفتح التيهَ للسكين مرتحلا
يكفكفُ النار سرّاً ثم يطلقُها= عصفورةً صحبتْ في عشها هبلا
شيطان آخر قديسٍ كرامتهُ= أنا طلعتُ لكم من قمقمي فحلا
من ألفِ عامٍ جرارُ الشعرِ تحملني= على الظهور الجنوبيات مرتجلا
ما فرخَ الغيب في رؤياه بارقةً= إلا وكنتُ لهُ في خاطرٍ مثلا
أبى لي الضوء إلا أن أكون فماً= رغم الأسى والعمى مستنفراً شعلا
من الخليج طلوع الشمس في رئتي= إلى المحيط ولا أرضى لها بدلا
آخيت بين اثنتين القدس شامخةً= وبين بغداد في جرحيهما اتصلا
ولن أعيش غضيض الطرف حيث أرى= الحسن في حلبٍ عن حسنهِ انشغلا
دخلتُ في عرشِ شوقي رحت اسألهُ= ألستَ خلفتني في الشعر قال بلى
شرط احتفائك بالأنسام ساحرةً= وبالجمال ولا تستنوق الجملا
فرحت والشعر والفانوس ثالثنا= ورابع باسط كفيهِ منذهلا
يدور ناعورهُ ما خطب سيدةٍ= باتت على دلوها تستصرخ الدولا
رجلان قاما وقاماتٌ محنطةٌ= تؤخرَ الرجل فيهِ منهما الرجلا
مذ قرّبتهُ إليها كان يفجعُها= ببعض أرصفةٍ كانت تشيخُ على..
أصفارهِ الصفر يبقيها لساريةٍ= حمراءُ تنزعُ عن أشلائه الوجلا
وراودتهُ التي في مائها وشلٌ= فراح يشكو على شطآنها الوشلا
نهارَ أن أرعبتهُ الشمس شاحبةً= رمى على الليلِ ظلاً باهتاً خجلا
أمامهُ أمةٌ تحكي عجائزها= عن نخلةٍ حرّةٍ أساقطتْ بصلا
حدّق بجلد الجذوع اليابسات على= ظنٍّ بمريمَ حتى أرهقت حَبَلا
كنا هززنا.. هززنا غير عابئةٍ= بنا المسافةُ حتى بات من وصلا
ظلاً وخارطةً في حائطٍ خرفٍ = مرّوا عليه وقالوا ها هنا نزلا
باب الجنوب استبقناهُ على عجلٍ= لكن وجدنا الذي نخشاهُ قد دخلا
من النخيلِ فزعنا ثمّةَ انطفأت= فنارةُ العمر ثم أعشوشبتْ أملا
جاء البريدُ بأصوافٍ وغازلةٍ= لمن يقولون أنّا نعشقُ الغزلا
يا نائح الطلح عادت ألف قبرةٍ= وألف دارجةٍ تستسمح الدغلا
يا نائح الطلح ليلُ العشق ما ذبلت= نجومهُ الزرقُ لكن عمرنا ذبُلا
يا نائح الطلح تابوتٌ على جبلٍ= في بطن دودة قزٍّ تنسج المللا
وردٌ لنافذة الإيتام ما مسحتْ= كشف الحسين على أعوام من رحلا
وردٌ لبعض هواءٍ حطَّ في رئةٍ= يعمدُ الراهب القديس والنغلا
وردٌ لكلِّ عبيد الشطِّ إذ هتكوا= ستر الخريف وردوا قيرهم عسلا
وردٌ لفاختة الأوجاع تلبسني= ترابها ويراني قلبها زحلا
وردٌ لمن سقطت وردٌ لمن وقفت= وردٌ لمن عذلت وردٌ لمن عذلا