مدخل~~~
حلمٌ كبيرْ...بعيدُ المدى
كصحراءٍ ممتدة لا بدايةَ لها ولا نهاية
يدفئني في صقيع غربتي،
ويسامرني في ظلام وحدتي
حلمٌ...حاول مرارًا وتكرارًا أن يهربَ مني
في زحمة الأيام ومتاهات نصف عمرٍ..
تمسكتُ به ...
حلمٌ ...لم يعد بعيدًا
أكادُ امضي صوبه
اشمّ عبقه
واحصد ثماره
~~~~
سأعود يا وطني
قلتُ سأعود...
لأحضن تراب وطني
وأسجد تحت قدميّ أمي
ومدفع الإفطار يسرّ أذن المكان وأذني
وصوت (الله أكبر) يهزّني
ولمّ الشملِ وحده بلسمًا للجروح
يعيد النورَ لعين الروح
فيحلو سهري مع الأحباب ،،
ثم غفوة لذيذة تحت ضوء القمر
انسى بها ليالي غربتي والاغتراب..!
قالوا..لا تعودي
ضجيج البشر هنا....يكوي
و موسيقى الموت على الجدران ،
تثقب الآذان...
هنا الجثث فقط... تسهرْ ،
ونحن.. نسينا شكل القمرْ
ولون السمرْ..
وكلّ شيءٍ هنا قد تغيرْ..!!
قلتُ... سأعود
لأمارس طقوس طفولتي
في أحضان مدينتي،
نظرةٌ على مقاعد مدرستي تكفيني ،
لأحيي معلمتي
وذكرى لم تمتْ في مخيلتي
سلوا عنها أخي وأختي وصديقتي..!
قالوا..عن أية طفولة تتحدثين؟
لا تعودي...فهنا الطفولة احترقتْ ،
تحت الأنقاضِ عظامها دُفنتْ
وبراءة اليتامى تنوح
تحت الركامِ يا أنتِ من يشفي الجروح؟
لا لن يعود... ما به تفكرين
فالمبتورُ أطرافه لن يركض
والمقطوع قلبها لن تضحك
والمكسور ظهرها
كيف لها الوقوف على عتبة اللقاء؟
ومدرستكِ...ليتكِ تعلمين
باتت خرابًا.. لمن لا مأوى لهم في كنف الخراب
ومدينتكِ انطفأت أضوائها
وحلّ محل الجارِ ...الغرباء..!
قلتُ سأعود...
لأستنشق عليل النسائم
وعبير الزهور في بلادي
أهرول كما ذي قبل في الزوراء
ولتحضن صرخة سعادتي سماء بغدادي
في الرصافةِ أزورُ خالتي
وفي الكرخِ أقبّلُ يدي عمتي
مع الخلّان أعيد شريط ذكرياتي
و(السمك المسكَوف).. ما أطيبه
والضحكات ما أروعها على ضفاف دجلتي..!
قالوا ...لا تعودي
هنا غبار الغدر يرسم ما يشاء
ولم يعد أزرقـًا لون السماء
والوطن يلفّه ظلام القهر
والخلّ قد ضاع تحت عباءة الرياء...
والزهور لم تعد زهورًا ،
بعد أن نخر في روحها...الرصاص
وشوّه عبيرها...الدخان..!
قلتُ سأعود ..سأعود.. سأعود
قالوا...مرحبًا بكِ متى ما الله شاء
ولكن لا تستغربي...
فأنشودة الحزن سرقت ملامح حلمكِ
والعويل شقق جدرانه
والدموع سلبت بصره
و الظلم مزق ذاكرته...
فحلمكِ لم يعد حلمًا
وأمنياتكِ غدتْ ناقصة البنيان...
وصديقتكِ....
لا لن تتذكركِ..
لن تتذكركِ..
لن تتذكركِ،،،مهما دار الزمان..!
"
"
مخرج~~~
ارشديني يا أمــي...
أين أذهب بحلمٍ لم يعد حلمـًا وضاقت به الأماكن؟؟
"
"