صدى الذكريات
شعر : عطاف سالم
12 /1 / 1431هـ
مرور سبع سنوات على وفاة والدي الحبيب يرحمه الله تعالى ويسكنه فسيح جناته
أغالبُ فيكَ أشْواقي ونفْسي = ويغلبُني الأسى من بعد يَأسِي
وأُشعل في رثاكَ فتيل شعري = فيشهقُ باللّظى يغتالُ جرسي
بكيتكَ علّني أحظى بأمن ٍ = فما سَلِمَتْ معاقلُ أمْن ِحسّي
أُعلـّق فوقَ أوجاعي فؤادي = فيسقطُ عُنوةً في يومِ نَحْسِ
ألملمُ فيكَ آمالي وأبكي = فيَهوِي في ربيعِ العُمرِ أُسّي
أجاهدُ فيكَ قلباً لستُ أدري = بأنّ الموتَ يُسْبي مثلَ مَسِّ
وأهربُ من صَدى ذِكراكَ دوماً = فألقى بالتّذكر طيفَ رَمْس ِ
ويرميني إلى قهرٍ مرير ٍ = نشيجُ البوحِ في عجزٍ وتَعْس ِ
ويخبو في مدَى أفقي المُسجّى = ضياءُ الروح .. يخبو كلّ همس ِ
حَنَنتُ .. وحَنّتِ اللّقيَا مِرَاراً = فما بُلـّغتُ آمالي بأنسِ
وما أُلبسْتُ إلا كلّ بؤس ٍ = وبالبؤس ِ المرفرفِ غيرَ يُبْس ِ
فقد أبلتْ دموعُ البين خدي = وقد ألفتْ صنوفُ القهر نفسي
وما عرفتْ عيوني غيرَ سُهدٍ = أناجي القربَ في بثٍّ وبسّ ِ
فلا ألهمتُ قولاً غيرَ حُزن ٍ = كأنكَ قاصدٌ ياحزنُ حبسي
ولا أشربتُ إلا غيرَ تيهٍ = يُرَوّي مُهجتي من مرّ كأسي
مضتْ أيامُ قافلتي حَيارَى = تطوّح بي زماناً فوقَ ترس ِ
ألا أبتي أناجي فيكَ قلباً = لعلي فيه أحيَا بعدَ طمس
فصوتكَ من ظلام الموت يأتيِ = كأنكَ لي غمامٌ فوق رأسي
وطيفكَ لم يزل نبعاً فيروي = غُـصيناتي بذكركَ صِنوَ إرس ِ (1)
وذي أغلى غريفاتي ستحكي = عن الذّكرى وعمّا دار أمس ِ
وأسألها بقاياكَ اليتامى = من الطّهر - المودّع - ذات لمسِ
فتشكي لي حنيناً قد طواها = تردّد بين أضغاثٍ وحدسِ
ألا ليت البقايا موقناتٍ = بأني مثلها رهن التّأسي
وليت صمودها يجتاح قلبي = فأسكنُ مثلها من بعد درسِ
ستبقى يا أبي سلوايَ دوماً = وإن بقيت رفاتكَ جوف غبسِ (2)
وإن كسفتْ بقلبي كلّ شمسٍ = ستبقى مُهجتي , أنوارَ شمسي
وأرثي فيكَ عمراً قد تولى = فمذ جفتْ ربوعُكَ جفّ غرسي
فما لي غير أن أبكيكَ دهراً = فلنْ ألقى بُعيدكَ أيّ أوس ِ (3)
فقدْ أُرهقتُ فقداً بعد فقدٍ = وقدْ أُزهقتُ يأساً فوقَ يأسي
فهل ألقاكَ يوماً يا (حبيبي) = وإن لاقيتُ إزهاقي ودمسي ؟!
(1) الإِرْسُ، بالكسر الأصلُ الطَّيِّبُ
(2) الغبس , الظلمة
(3) الأَوْسُ الإِعْطاء، والتَّعْوِيضُ من الشيء