ما تأثير التلفزيون على السلوك العدواني عند الاطفال؟
ايمان شعبان خوري - بناء على دراسة علمية حديثة نُشرت نتائجها في المجلة العلمية Archives of Pediatrics & Adolescent Medicine فإن الاطفال في عمر الثلاث سنوات معرضون لخطر إظهار سلوك عدواني نتيجة مشاهدتهم التلفاز لفترات طويلة.
تشكل عدوانية الاطفال في بداية طفولتهم مشكلة كبيرة للأهل والمعلمين واصدقاء الاطفال انفسهم، كما تُنبىء بمشاكل سلوكية خطيرة في المستقبل، مثل الجنوح في سن المراهقة والعنف في سن البلوغ الذي يؤدي الى السلوك الاجرامي فيما بعد. لذلك تناول الباحثون في الدراسة عوامل عدة قد تؤثر سلباً في عدوانية الاطفال مثل اسلوب الضبط الذي يتبعه الاهل وسلامة الحي الذي يعيش فيه الاطفال والفترة الزمنية التي يتعرضون فيها للتلفاز. فبعد سماع الموسيقى، تُعد مشاهدة التلفاز من أحب الاشياء الى قلب الطفل في هذه الفئة العمرية، وهذا بناء على نتائج الدراسات التي قامت بها الاكاديمية الاميركية لطب الاطفال، والتي تنصح دائماً بعدم السماح للاطفال بالجلوس لفترة طويلة أمام التلفاز.
قامت الدكتورة جنيفر مانفانيلو، الاستاذة في علم النفس في جامعة الباني-نيويورك، بتحليل معلومات عن 3128 طفل في عشرين ولاية أميركية، بهدف إيجاد العلاقة بين مشاهدة الطفل للتلفاز لوحده أو مع عائلته والتصرف العدواني الذي قد يتولد لديه، حيث قامت بإجراء مقابلات مع أهالي الاطفال منذ ولادتهم وأعادت المقابلة معهم بعد ان اصبح الاطفال في عمر الثلاث سنوات. وبعد ثلاث سنوات طُلب من الاهل تحديد الفترة الزمنية التي يقضيها اطفالهم في مشاهدة التلفاز لوحدهم والفترة الزمنية التي يقضيها لطفل في مشاهدته مع أهله في اليوم الواحد. كما تم تقييم درجة العدوانية عند الاطفال بوساطة 15 مقياسا مختلفا، بعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل الخطر الاخرى.
وقد أظهرت النتائج إجماع 65% من الامهات على ان اطفالهن يشاهدون التلفاز لوحدهم بمعدل ساعتين في اليوم وبمعدل 5 - 6 ساعات في أثناء متابعة الاهل للتلفاز، أي بشكل غير مباشر. وبعد تحليل النتائج تبين ان مشاهدة الاطفال للتلفاز بشكل مباشر وغير مباشر عاملان يرتبطان بشكل مباشر بالعدوانية عند الاطفال، وجاءت هذه النتيجة بعد الاخذ بعين الاعتبار الفترة التي تُشاهد بها العائلة التلفاز، والحي الذي يسكن فيه الطفل والخصائص الاحصائية للسكان وعوامل اخرى. وأكثر العوامل تأثيراً كان عامل بيئة الاهل نفسها، فعدم ضبط الاهل لساعات مشاهدتهم للتلفاز في البيت يجعل من جلوس الطفل أمامه لساعات أطول شيئا طبيعيا جداً. وتقول د. جنيفر:- إن جلوس الطفل أمام التلفاز يؤثر سلباً على الروتين اليومي للطفل مثل الاكل والمقدرة على التواصل ويقلل من الوقت الذي يقضيه في مزاولة النشاطات الاخرى. وتؤكد على ان زيادة ساعات مشاهدة الطفل للتلفاز يمكن ان تُنبىء بنتاجات الطفولة السلبية والسيئة مثل تصرف الطفل العدواني تجاه الآخرين، ولذلك يجب على البحوث المستقبلية التي ستُجرى في هذا المجال ان تشمل جميع العوامل المؤثرة على الطفل، وإجراء التقاويم المبنية على الملاحظة لاظهار مدى التفاعل بين الطفل والاهل، والتركيز على نوعية ومحتوى البرامج التلفزيونية التي يشاهدها الطفل وأهله، ثم إجراء تحليل مطول للنتائج لإيجاد حل لهذه المشكلة.