آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > الأدب العالمي

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 05-21-2013, 05:51 PM   رقم المشاركة : 1
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي الكاتب العالمي سومرست موم

الكاتب العالمي وليم سومرست موم
W. Somerset Maugham
ترجمة عبدالله باسودان

ولد سومرست موم عام 1875 في باريس، حيث كان والده موضفاً في السفارة البريطانية . بناء على رغبة عائلته درس الطب إلا أنه لم يمارس هذه المهنة , ذلك لأنه كان شغوفا بالأدب خاصة القصص القصيرة. تمتاز قصصه بأسلوب ساخرمحايد. كان واحدًا من أشهر المؤلفين البريطانيين . نال حظوة كبيرة لدى الجمهور أكثر منها لدى النقاد.. من أروع أعماله التي لها أساس واقعي "الرق البشري" وتحكي قصة طالب طب أعرج وقع في حب امرأة لا تهتم بمشاعره . وله مجموعات قصصية منها " الرجل الذي يعرف كل شىء " "ارتعاشة ورقة", "على شاشة صينية" "أول شخص وحيد" . ومن أشهر أعماله الكوميدية مسرحية "الدائرة" التي ترجمت إلى العربية، ومسرحية "الزوجة الوفية" .

قصة : "الرجل الذي يعرف كل شىء" MR. MAN ALL

لا أدري كيف حدث هذا , وجدت نفسي أكره هذا الذي يدعى"ماكس كلادا" قبل أن أتعرف عليه. في تلك الأيام كانت الحرب على أشدها فقد اضطربت حركةُ السفن عابرات المحيطات اضطرابا شديدًا, حتى إنه لم يكن للمسافر إلا أن يقبل أي مكان يخصص له, ولو كان مكانا ضيقًا على ظهر السفينة.
لهذا فرحت كثيراً أنني تكمنت من الوصول إلى"مقصورة " ذات سريرين, ولما عرفتُ أن اسم زميلي في المقصورة "ماكس كلادا" أخذ قلبي يدق بسرعة إذ سأقضي أربعة عشر يوما في البحر بين "سان فرانسيسكو" و "يوكوهاما " وأنا في صحبة زميل واحد طوال الوقت, خاصة أنه يدعى ماكس كلادا؟! لا شك أنني سأكون أقل تبرما لو كان لرفيقي هذا اسم طريف "كسميث أو براين" مثلاً. وما أن ركبت السفينة حتى تبين لي أن أمتعة السيد "كلادا" قد سبقتني إلى "المقصورة " , وقد كرهت لأول وهلة شكل أمتعته وتلك الحقائب الضخمة التي كانت ملصقة يها بطاقات كثيرة تحمل أسماء أكبر فنادق العالم، وكان الرجل قد أخرج منها كل أدوات الزينة, ورصها منسقةً على الرف الزجاجي الذي يعلو حوض الغسيل , فتركت حقائبي بالمقصورة , ثم قصدت إلى غرفة التدخين بالباخرة , طلبت إ من الغلام أن يحضر لي بعض أوراق اللعب لكي أتسلى عليها , فلما جاءني بها أخذت أقتل الوقت بلعبة "الصبر". ولم تكد تنقضي لحظات حتى اقترب مني رجل ناداني باسمي , ثم خاطبني قائلا وعلى شفتيه ابتسامة لا تحمل أي معنى:
- أنا أدعى"كلادا" .. "ماكس كلادا".
قبل أن أنطق بكلمة واحدة , كان قد استقر في المقعد المقابل لي ! فسألته في غير أكتراث أظن أننا شريكان في مقصورة واحدة؟
أجابني : نعم بالتأكيد لأن المرء لا يستطيع أن يعرف هذه الأيام من هو الذي سيكون رفيقه في السفر, لكنني سررت كثيرًا عندما عرفت أنك إنجليزي , فمن الخير لنا نحن الإنجليز أن نعيش متلازمين حينما نكون على سفر خارج بلادنا.
قلت له :هل أنت إنجليزي؟
- بالطبع هل تعتقد أنني أمريكي . أليس كذلك؟ أؤكد لكَ أنني إنجليزي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي!
ولكي يثبت لي أخرج جواز سفره من جيبه بحركة سريعة, وقربه كثيرًا من عيني حتى كاد يلامس طرف أنفي. كان هذا الرجل قصير القامة , أسود الشعر تغطي وجهه سمرة خفيفة. يتكلم الإنجليزية بطلاقة وبأسلوب سلس, وكان لبقاً جداً في كلامه. . كان كل هذا يؤكد لي أني لو فحصت هذا الجواز الذي يقدمه لي بعناية لأدركت أنه ولد بأرض سماؤها صافية , تبعد كثيرًا عن إنجلترا ذاتها. وسادت لحظة من الصمت بددها الرجل يسؤاله :
- ماذا تشرب ؟
فنظرت إليه وقد تملكتني دهشة بالغة , فقد كانت الأوامر تحضر تقديم الخمور في السفن, وكنت متأكداً أن السفينة لا تحمل أيا ً من الخمور. إلا أن السيد "كلادا" لم ينتظر حتى أجيب , وإنما أضاف قائلا على الفور: "ويسكي" بالصودا ؟ .. أم مارتيني؟ ما عليك إلا أن تذكر الاسم فحسب.
وأخرج زجاجة صغيرة من كل جيب من جيوبه , ثم نادى الساقي , وطلب إليه أن يحضر كأسين وبعض الثلج , ثم قال لي بلهجة الواثق المطمئن:
- لا تهتم بالشراب عندي منه الكثير , وإن كان لك أصدقاء في هذه السفينة فأبلغهم أن رفيقك في السفر لديه كافة أنواع الخمور المعروفة في العالم
لقد كان زميلي ثرثارًا , فقد تحدث كثيراً عن"نيويورك" و "سان فرانسيسكو" , وعن أفلام السينما ونقد المسرحيات , ثم أكثر في كلامه عن السياسة و الحرب. وكنت قد أزحت ورق اللعب جانبـا عندما جلس الرجل أمامي , غير أنه لما بدا حديثه الذي لا يكاد ينتهي وجدت نفسي أعود بحركة آلية إلى أوراقي أنسقها من جديد. وفجأة, سمعت السيد "كلادا" يقول:
- كلا , كلا . الأفضل أن تضع الثلاثة فوق الأربعة !
حقاً أنه ليس هناك ما هو أكثر إزعاجا للمرء من أن يحدثه إنسان بما يجب عليه أن يفعل وهو يلعب لعبة "الصبر" . ولهذا , فقد نحيت أوراق اللعب مرة أخرى , و قررت أن لا أعود إليها إلا بعد انصراف هذا الزميل الفضولي الثرثار . ولكن لشد ما أدهشني أنه أمسك بالورق وهو يقول:
- أتحب أن ترى بعض العاب الورق السحرية؟
فأجبته قائلا وقد تملكني الغيظ :
- كلا فأنا أكرهها !
- بل سأريك واحدة منها , ولا شك في أنها ستعجبك.
وسرعان ما قرن القول بالعمل , فأراني ثلاثا منها في سرعة البرق ! ولما قلت له إني ذاهب إلى غرفة الطعام لأنتقي مقعدًا مناسبا لي , صاح قائلا في حماس ظاهر :
- لا داعي لأن تتعب نفسك , فقد اخترت لك بنفسي مقعدًا , لأننا نقيم في مقصورة واحد ة, فعلينا أن نجلس معـًا إلى مائدة واحدة.
وكرهت السيد "كلادا" أكثر من ذي قبل . ذلك أني لم أكن أشاركه " مقصورة" واحدًة أو أتناول طعامي إلى جانبه ثلاث مرات فحسب , بل الواقع أني كنت لا أستطيع أن أجول على ظهر الباخرة دون أن يكون ملازمـًا لي, إلى حد أني اقتنعت أخيرًا بأن الإفلات منه أمر محال , وكان أكثر من ذلك استحالة أن تقنعه بأنه شخص غير مرغوب فيه. فقد كان يعتقد من أنك تسر لرؤيته, تماما كما يسر هو لرؤيتك , ولو أنه زارك في بيتك فأغلقت الباب من دونه وقذفت به إلى أسفل السلم لما خطر بباله قط مع ذلك أنه زائر ثقيل غير مرغوب فيه.
وكان "ماكس كلادا" يتعرف إلى الناس في سهولة بالغة, فلم تكد تنقضي ثلاثة أيام على إقلاع السفينة حتى كان قد عرف كل من فيها, وكان يشرف على سباق الخيل الخشبية , ويسحب أوراق اليانصيب , ويجمع النقود للجوائز المالية , وينظم حفلات الرقص التنكرية , وينسق البرامج لفرقة موسيقا السفينة. كان في كل مكان , وكان يقوم بكل عمل , وكان إلى جانب هذا أول المكروهين في هذا العالم الصغير الذي تعد السفينة حدوده.
وقد أطلقنا نحن المسافرون على السيد"كلادا" اسم "الرجل الذي يعرف كل شيء" وصرنا نناديه بهذا الاسم , فلم يكن يغضب لذلك , بل إنه كان يجد نوعا من الإطراء لشخصه , والثناء عليه! وكان الرجل أثقل ما يكون ظلا في أوقات تناول الطعام , إذ كنا جميعا تحت رحمته في هذا الوقت بالذات , فهو يناقش كل إنسان , ويتحدث في كل موضوع , ويعرف مالا يعرفه سواه , ولا يدع شيئا مهما كان تافها صغيرًا إلا وجادل فيه , ثم لا يكف عن الجدل بعد ذلك إلا بعد أن ترى نفسك مضطرًا إلى التسليم بما يقول.
كان يجلس معنا إلى المائدة, التي كان يتصدرها طبيب السفينة بصفة دائما , رجل شبيه بالسيد "كلادا" في كثرة الجدل اسمه"رمزاي" وهو أمريكي ضخم الجسم , يعمل في السلك السياسي , قنصلا لبلاده في كوبا. وقد عرفنا أنه كان عائدا إلى مقر عمله , بعد عطلة قصيرة قضاها في نيويورك ليحضر زوجته التي كانت قد قضت بها أكثر من عام في زيارة لأسرتها.
كانت زوجة السيد "رمزاي" سيدة جميلة صغيرة الجسم , على قدر كبير من روح المرح والدعابة , وتلبس دائما ثيابا بسيطة, فالخدمة في السلك القنصلي لا توفر للقائم بها عادة أجرًا كبيرًا , ومع ذلك فقد كانت لهذه السيدة على بساطة ملبسها صورة تستوقف النظر , لا أعرف كيف أعبر عنها بالكلمات , فهي لا تتميز عن أية امرأة أخرى متوسطة الجمال , وقد تمر بعشرات مثلها في كل وقت في طريقك , غير أنها كانت مع ذلك تشع بهاءً وفتنة , كوردة ساحرة في معطفها القاتم اللون.
ذات يوم وكنا جلوسـًا إلى مائدة الغداء كالعادة , تطرق الحديثُ مصادفةً إلى الحلي والجواهر, وكانت الصحف قد نشرت مقالا طويلا عن صناعة الجواهر الزائفة في اليابان , وعن إتقان اليابانيين لهذه الصناعة. وقد عقب طبيب السفينة على هذا الحديث بقوله إن صناعة الجواهر الزائفة قد أصابت من النجاح ما هو خليق بأن يقلل من قيمة الجواهر الحقيقية. فاندفع السيد "كلادا" عندئذ يجادل ويناقش على عادته , وما كنت أظن أن السيد "رمزاي" القنصل يمكن أن يكون هو الآخر خبيرًا بشأن الجواهر الصحيحة والزائفة, غير أنه لم يستطع أن يقاوم عادته فتدخل بدوره في المناقشة بحماس ظاهر . وهكذا احتدمت بين الرجلين معركة كلامية حامية الوطيس. ولعل القنصل قد قال شيئا ضاق به صدر السيد "كلادا" لأن هذا الأخير ضرب المائدة بقبضة يده ليؤكد كلامه , وهو يقول بصوت عالٍ :
أنا أعرف ما أقول , وأنا في طريقي إلى اليابان خصيصا لبحث صناعة الجواهر الزائفة ولا يوجد في العالم كله من يعرف هذا الموضوع مثلي, أو يقول لكم إن "ماكس كلادا" ليس حجة فيه. إني أعرف أيها الأصدقاء تاريخ كل جوهرة ثمينة في العالم.
وكان الحديث جديدا بالنسبة إلينا عن حقيقة عمل "الرجل الذي يعرف كل شيء" , إذ لم يسبق أن ذكر لنا أي شيء عن عمله , وإن كنا قد عرفنا أنه ذاهب إلى اليابان في مهمة تجارية.
ودار "كلادا" بعينيه يتفحص وجوه الحاضرين , وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ظافرة , ومضت لحظة صمت ثم أضاف يقول :
يتحدث السيد" الدكتور" عن أن صناعة الجواهر الزائفة سوف تؤثر في قيمة الجواهر الحقيقية , ولكني أستطيع أن أؤكد لكم العكس..
وصمت لحظة قصيرة كأنما يريد أن يتبين وقع كلامه في نفوس الحاضرين , ثم استطرد يقول:
- وأؤكد لكِ يا سيدة "رمزاي" أن هذه الجوهرة التي في عنقك لن تفقد مليمـًا واحدًا من الثمن الذي دفعته فيها.
وما إن سمعت السيدة " رمزاي" عبارته الأخيرة حتى انتفضت انتفاضة مفاجئة , وسرعان ما تمالكت نفسها وأمسكت بالسلسلة في بساطة, ووضعتها في صدرها تحت الثوب في أمان , وكأنها تشعر بقلق شديد من ناحيتها!!
ومال السيد "رمزاي" قليلا إلى الأمام بعد أن أغمض إحدى عينيه , وغمز لنا بطريقة ذات مغزى خاص:
- إن هذه السلسلة التي تلبسها زوجتي جميلة ولا شك يا سيد "كلادا".
- نعم , وقد عرفتها من أول نظرة , فهي من أحسن أنواع الماس.
فهزَّ السيد "رمزاي" كتفيه العريضتين وهو يقول:
- الواقع أني لم أدفع فيها شيئـًا ويهمني أن أعرف ثمنها!
فظهرت إمارات الاهتمام على وجه السيد "كلادا" وقال بلهجة من يدلي بنبأ بالغ الخطورة :
- أؤكد لكَ أن ثمنها لا يقل بحال من الأحوال عن خمسة عشر ألف دولار , وإن كان من اشتراها قد ابتاعها من "الشارع الخامس", فلا يدهشني أن يكون الثمن قد ارتفع إلى ثلاثين ألفـًا!
وارتسمت على شفتي القنصل ابتسامة ساخرة وهو يقول:
- قد تكو مفاجأة لكَ يا عزيزي السيد "كلادا" أن تعلم أن زوجتي قد ابتاعت هذه الحلية من أحد المحال التجارية بثمانية عشر دولارًا فقط يوم أن غادرنا نيويورك!
فانتفض السيد "كلادا" في مقعده كمن لدغه عقرب , وصرخ قائلا بصوت تفيض نبراته بالمعارضة والاحتجاج:
- كلا , أبدًا . هذا غير ممكن. إنك تسخر مني يا سيد "رمزاي"!
- أتراهنني ؟ أتراهن بمائة دولار على أنها جواهر زائفة ؟
- نعم أراهنك !
وهنا تدخلت السيدة "رمزاي" في المناقشة التي قامت بين الرجلين , فقالت تخاطب زوجها في صوت هادئ النبرات :
- ولكنك لن تراهن يا عزيزي على شيء تعرف أنت حقيقته من قبل , وإلا ... فإن السيد "كلادا" يكون مغبونـًا في هذا الرهان!!
- كيف تتاح لي فرصة سانحة للحصول على مائة دولار من أسهل طريق , ثم أتركها تمر دون أن أغتنمها ؟ لا شك في أنني لو فعلت ذلك لكنتُ غبيـًّا أحمق !
- ولكن , كيف يمكنك أن تثبت ما تقول , وليس معي ما يدل على الثمن الذي دفعته , إن المسألة كلها لا تعدو أن تكون مسألة أقوال فحسب!
- لست أريد إثباتـًا من أي نوع , وكل ما أطلبه هو أن أفحص هذه الماسات , وسوف أخبركم بسرعة عن حقيقة أمرها , حتى لو خسرت الرهان, فإني رجل شريف.
فأسرع السيد "رمزاي" يقول لزوجته:
- انزعيها إذًا من صدرك يا عزيزتي , واتركيها للسيد "كلادا" ليفحصها كما يشاء.
فترددت الزوجة لحظة قصيرة ثم أسقطت يديها إلى جانبيها , وهي تقول:
- لست مستطيعة أن أفتح هذا القفل , وآمل أن يكون السيد " كلادا" على ثقة مما أقول.
وخطر لي في تلك اللحظة أن مأساة توشك أن تقع , وأخذت أدعو الله في سري أن تتوقف المناقشة عند هذا الحد, غير أن القنصل قفز من مقعده فجأة وهو يقول:
- لا بأس . أستطيع أنا أن أفتحه بنفسي.
وقرن القول بالعمل , فمد يديه إلى عنق زوجته وسرعان ما انتزع السلسلة الماسية التي تزينها , وقدمها إلى السيد "كلادا" الذي أخذ منظارًا مكبرًا, وأخذ يفحص الماسات في صمت , وفجأة بدت على وجهه علامات الانتصار , وأعاد الحلية إلى السيدة "رمزاي" وقد بدا عليه أنه يهمُّ بأن يقول شيئـًا .. ولكن نظره وقع على وجه الزوجة مصادفة في تلك اللحظة , فلاحظ أنه قد صار أبيضَ كالثلج , وبدا له كأنها توشك أن تفقد الوعي !.. كانت تنظر إلى وجهه بعينين يطل منهما الفزع وتنطقان بالتوسل والرجاء , وكأنها تتوسل إليه ألا يتكلم .والحق أني دهشت شخصيـًّا لأن زوجها نفسه لم يلحظ شيئـًا من هذا كله مع أنه كان ظاهرًا للعيان!
وأطبق السيد "كلادا فمه ولزم الصمت , وبدا لي لحظتها أنه يبذل جهدًا كبيرًا ليسيطر على أعصابه . وران الصمت على الحاضرين لحظة , وأخيرًا قال السيد "كلادا":
- إنني آسف فقد أخطأت ! إذ الواقع أنها ماسات زيفت بمهارة فائقة , وأعتقد أن ثمانية عشر دولارًا تعد ثمنا مناسبا لا غبن فيه.
ثم أخرج السيد "كلادا" من حافظة نقوده ورقة من فئة المائة دولار , وقدمها إلى السيد "رمزاي" معتذرًا عن الجدل الذي أثاره. ومضت لحظة صمت قصيرة قال بعدها القنصل وهو يدس ورقة النقد في حافظة نقوده :
- أعتقد يا صديقي العزيز أن هذا الدرس يكفي , فلا تجادل مرة أخرى فيما ليس لك به علم.
وشعرت في تلك اللحظة أن السيد "كلادا" كان يعاني موقفـًا لا يحسد عليه , إذ لاحظت أن يديه كانتا ترتعدان. غير أنه جاهد كي يتمالك زمام نفسه ولم يعقب بكلمة واحدة.
وانتشرت القصة بسرعة البرق في كل أنحاء السفينة . وكانت أضحوكة طريفة حقًّـا أن الرجل الذي يعرف كل شيء قد أخطأه التوفيق في أمر يزعم أنه حجة فيه . ومن الغريب أن السيدة "رمزاي" قد لزمت "مقصورتها " عقب هذا الحادث فلم تبرحها طوال المساء , بل إنها لم تُشاهد وقت العشاء في غرفة الطعام , ولم تحضر السهرة التي أعقبته بحجة أنها مصابة بصداع شديد .
واستيقظت مبكرًا في صباح اليوم التالي , ووقفت أحلق لحيتي أمام المرآة , وكان السيد "كلادا" لا يزال مستلقيـًّا في فراشه يدخن سجائره , وفجأة رأيت خطابا صغير الحجم يدفع من تحت الباب , فقرأت على غلافه هذه الكلمات مكتوبة بأحرف كبيرة :"إلى السيد ماكس كلادا" . وفتحت الباب بسرعة لأعرف من يكون مرسل الخطاب أو حامله على الأقل , غير أني وجدت أن الممر الضيق كان خاليـًّا تمامـا !
وناولت الخطاب إلى السيد "كلادا" , وكان لا يزال مستلقيـًّا في الفراش . ومرت لحظة قصيرة أحسست بعدها بأنه يمزق قطعة من الورق , وعندما أدرت وجهي نحوه , مد يده بقطع صغيرة ممزقة من الورق وهو يقول:
- هلا قذفتَ بهذه القصاصات من الكوة إلى البحر الواسع ؟
ولما أجبته إلى طلبه واستدرت نحوه ثانية طالعتني ابتسامة ساخرة كانت قد ارتسمت على شفتيه, ومرت لحظة صمت قصيرة قبل أن يقول :
- ليس من السهل على المرء أن يدعي الجهل !
فقلت له في لهجة شاع في نبراتها مزيد من اللهفة والفضول :
- وهل كانت الماسات حقيقية ؟
ولم يجب الرجل الذي يعرف كل شيء عن سؤالي مباشرة , وإنما نظر في عيني طويلا ثم قال:
- لو كانت لي زوجة صغيرة جميلة لما تركتها تقضي في "نيويورك" عامـًا بأكمله في حين أكون أنا في "كوبا" ! إذ لا شك في أنها ستكون عندئذٍ معرضة لإغراء الهدايا الغالية الثمن !
وشعرت في تلك اللحظة شعورًا واضحـًا بأنني أصبحت لا أكره السيد "كلادا" , الذي كان مشغولا بإعادة ورقة نقد من فئة المائة دولار إلى حافظة نقوده.







  رد مع اقتباس
قديم 05-22-2013, 01:04 PM   رقم المشاركة : 2
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: الكاتب العالمي سومرست موم

قصة جميلة معبرة
وترجمة دقيقة
فعلاً صعب على الإنسان أد يدعي الجهل ليكون صغيراً في عيون الآخرين
شكراً لك على هذا لمجهود والإختيار لتقربنا من الكاتب العالمي وليم سومرست موم


دمت بخير
تحياتي













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 05-31-2013, 08:44 PM   رقم المشاركة : 3
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الكاتب العالمي سومرست موم

شكراً الأديبة الفاضلة عواطف على مرورك الكريم

وعباراتك الرائعة

جزاك الله خيراً.







  رد مع اقتباس
قديم 07-21-2013, 11:01 AM   رقم المشاركة : 4
شاعرة
 
الصورة الرمزية كوكب البدري






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :كوكب البدري غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: الكاتب العالمي سومرست موم

تحيتي لك أستاذ وشكرا

وشكرا لجهودك التي تبذلها في النّبع العالمي













التوقيع

ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟

اسماعيل حقي

https://tajalyasamina.blogspot.com/
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الثامن من آذار يوم المرأة العالمي هيام صبحي نجار المرأة 7 03-08-2012 11:54 AM
هي في الجوار/إهداء للمرأة في عيدها العالمي عامر رمزي قصيدة النثر 14 03-08-2012 09:44 AM
من الأدب العالمي ...كتب منوعة رائدة زقوت المكتبات 24 02-28-2012 11:38 PM
لوحات الفنان العالمي ليوناردو دافنشي عادل الفتلاوي نبع الفنون, الصور والكريكتير 9 01-04-2010 05:49 PM


الساعة الآن 08:32 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::