ماذا عن لون عيني ؟ عن صدري وسادة رأسك ؟ عن الغطاء الذي لا يطيقه جسدك وكلما ركلته بعيداً دثرتك دون كلل مرددةً " ششششش - الجو بارد يا عمري - "
أخبرني أين تدس أنفك بعيداً عن عنقي ؟ من يُعدّ لك قهوة بمذاق شفاهي ؟ من يختار وينمق ملابسك ؟ يهندم ذقنك ويضع قليل من العطر على خديّك ، يشاكس أنفه بأنفك هامساً " نعيماً يا حياتي " ؟ من يجلس بجوارك في نومك الهاديء يتأمل ملامحك وتفاصيل الله فيك ثم يمنحك رائحة البرتقال في قُبلة سُباتٍ عميق ؟ من غيري يتنبأ برياحك ويغض الطرف عن سقطاتك يبدأ يومه باسمك وينتهي بعينيك ... قل لي من ؟
مُذ مئة نسيانٍ وأنا أكبر ،أتمدد في نصف جسد كبرتُ أراقصُ الخلخال و غجريات الليل ، أطوف في الصباحات أسأل عن عبدٍ من عباد الله عن قميصٍ مُنتسبٍ لرجل والجيب المثقل برائحة الأغنيات، عن تقوّس الغضب بين حاجبيه كُلما لامس السؤال أصابع العتاب عن حياء الليل في عينيه وجرأة العشق في صوته عن الضحكات والدهشات والحزن واللذة عن البكاء حين يسأل : متى ستنحني خاصرة هذه الحياة ؟ أسأل عنك باعة الورد والعناق التائه في حضن الأرصفة ، أسأل الساعات حين تفقد وعي الدقائق ، وارتباك الدمع في عين الإشتياق أسأل العجوز الغريبة ، وأطفال الأزقة ، والكهل النائم تحت شجرة غياب ؛ أسأل كل نواميس الكون المُصغية لغناء الغروب هل مرّ حطّابٌ يحمل ستة أعوامٍ من هنا !؟
أرأيتِ يا أمي ..! لو أنّكِ تركتِ يد التجارب تشد أُذن الضفائر لأدركتُ أن الهزائم تكفي لئلا أبرحُ ركني في صدرك
لو أنكِ أخبرتِني أن الأحلام تموت في حنجرة البراءة لشنقتُ السنين على أبواب الشمس ولذبحتُ دميتي قُرباناً
لو أنكِ ما حذرتِني من اللهو بأعواد الثقاب لما رهِبتُ الإنطفاء ولاعتادت أصابعي طعم الإحتراق
لو أنكِ لم تقصِّ على مسامع طفولتي حكايات الأميرات لما صرتُ أنثى الأساطير الهاربة من ألف ليلةٍ تجرُّ عربة حنين
أنا جائعةٌ يا أمي ولا يسدُّ ضَوْري أرغفةَ العالمين عالقةٌ بين بكاء الطريق ، ورُقاد السِّر أختبر فصيلة الحبر وأغرقُ في نزيف ورق أستحضرُعرّافة الليل فتُمطر السماء وابلاً من الشياطين هدهدي الليل بركعتين لأجلي واغمسي أصابعكِ في صدري يرتدُ بصيرا هاك الحلم والقلب والأقفال وهاتِ يدكِ والمفتاح .