يا ابن عباس: أخبرنا عن قول الله عزّ وجلّ: (أَلْفَيْنا) .
قال:يعني وجدنا عليه آباءنا.
قال:فهل تعرف العرب ذلك؟
قال:نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول:
فحسّبوه فألفــــــوه كمـــا زعمت تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
(المعاني) أَلْفَيْنَا الجذر: لفو الأصل: أَلْفَ معناها بالإنجليزية: we found
وأَلْفَيْنا مَعْنَاهُ: وَجَدْنَا،وَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ:أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لِلِاسْتِفْهَامِ، وَفُتِحَتِ الْوَاوُ لِأَنَّهَا وَاوُ الْعَطْفِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الذَّمِّ لِلْمُقَلِّدِينَ وَالنِّدَاءِ بِجَهْلِهِمُ الْفَاحِشِ وَاعْتِقَادِهِمُ الْفَاسِدِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ،وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا...)المائدة 104، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى قُبْحِ التَّقْلِيدِ، وَالْمَنْعِ مِنْهُ، وَالْبَحْثُ فِي ذَلِكَ يَطُولُ.
في الكشاف لَهُمُ الضمير للناس. وعدل بالخطاب عنهم على طريقة الالتفات للنداء على ضلالهم، لأنه لا ضال أضل من المقلد،كأنه يقول للعقلاء:انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يقولون. قيل: هم المشركون. وقيل: هم طائفة من اليهود دعاهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى الإسلام فقالوا: بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا فإنهم كانوا خيرا منا وأعلم. وألفينا: بمعنى وجدنا،بدليل قوله:(بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا).
أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ الواو للحال، والهمزة بمعنى الردّ والتعجيب،معناه:أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من الدين ولا يهتدون للصواب.
ومع الآية 170 من سورة البقرة توجد آيتان بنفس المعنى(وجد): يوسف 25 ﱡﭐﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﲋ ﱠوالصافات 69 ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﱠ.
وهذه الثلاث، هي كل ما في القرآن من الكلمة، صيغةَّ ومادة.
وتفسير "ألفينا" بـ: وجدنا، قريب. وكذلك فسرها "الراغب" في(المفردات)في آيتي البقرة ويوسف، وأبو عبيدة في آية البقرة.
ويؤنس إلى هذا القرب بين ألفى ووجد، أن الفعل(وجد)يأتي في مثل هذا السياق: (وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)بآيات: المائدة 104، والأعراف 28، ويونس 78، ولقمان 21. ومعهاالأنبياء 53، والشعراء 74، والزخرف 22، 23. ولا يفوتنا مع ذلك، أن القرآن لم يستعمل " ألفى" إلا ثلاث مرات، بصيغة واحدة هي الفعل الماضي، على حين كثر استعماله للفعل "وجد": ماضياً ومضارعاً، للمعلوم، وللمجهول. وفي اللغة، تتصرف العربية في(وجد)فيكون منه الوجد والوجود والوجدان والموجدة، والوجادة في مصطلح الحديث. كما تتصرف فيه مجرداً ومزيداً، مع مشتقاتهما و لا نعرف لها مثل هذا التصرف في(ألفى)الذي لا يكاد يأتي إلا بمعنى وجد، رباعباً مزيداً، ومعه لَفَاء، كسحاب، مهموزاً، بمعنى التراب وكل خسيس حقير.
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 07-05-2020 في 01:27 PM.