ليس من السهل مداعبة الحروف وخاصة سحرها وجمالها ،فالحروف من صفاتها الهروب والتباعد والتمنع ، فليس للحروف قيمة جمالية وسحر متميز إلا إذا كانت متناسقة ومنسجمة فيما بينها ،والمبدع الحاذق والماهر هو الذي يراودها حتى تكون طيعة وراضية عن أفكاره ، حروف الشاعر تشكل روضة جميلة يجد فيها نفسه وذاته ،في اعتزاز يختار أزهار حروفه المثمرة والعطرة التي تفوح من المعاني أحسنها وأجملها / وَ أَزْهُو بِرَوْضَتِهَا فِي اعْتِزَازٍ/
استعمل الشاعر " لعل" التي تفيد الترجي كأنه يريد أن يتطهر من أحزانه وهمومه عسى أن يفرغ ذاته ونفسه وفكره من كل ما يشوش على انتقاء حروفه وكلماته لتكون تحت سلطة أفكاره .. وهي مقومات قد تضمن جودة الإبداع الأصيل ..
يعتبر الشاعر جنون القوافي مصدر إلهامه وإبداعه ، جنون لا يلغي العقل والوعي ، إنه جنون إيجابي يخلخل أفكاره ويعمل على تصفيتها من تلك المنغصات التي قد تلبس إبداعه بحروف باهتة لا سحر ولا جمال فيها ..
للشاعر رؤية جديدة خرق بها ما هو مألوف / لعل الجنون يعافي ،/ فشفاء الشاعر يوجد في قول شعر رصين وهادف يمس ذاته ونفسه ، شعر مولد من أحاسيس صادقة ونابعة من أعماق الذات وتجاويف الذاكرة ، فقد يعمل الجنون على تحويل معاناة الشاعر إلى إلهام وإبداع ،كما اعتبر جنون القوافي حامياً له من التردي والهلاك ، ومنتشلا له من العزلة والتهميش ، واجترار ذكريات تآكلت مع الزمن بفعل رتابتها واختراقها بظروف قاسية ..
إن الشاعر يحس أن حياته بدت بدون جدوى ، مادام يسير بدون اتجاه معين ،وهدف منشود / بلا بوصلات ولا قارب / .. مما فرض على الشاعر أن يذوق هجير المدينة ، ويعاني من ليل يحجب عنه الطريق ،ومع ذلك فالشاعر قوي وله جرأة كبيرة في ركوب هول دروب الجمال والسحر رغم انطفاء وهج القول الشعري ،فهو قادر على معانقة أعلى الشعر وأحسنه وإن تخلى الأصدقاء عن مساندته .../ إذا ما الرفاق تخلوا / عن السنديان الذي يرتقي في الفيافي /
أعجبت بهذه القصيدة الجميلة التي أفرغ الشاعر ذاته وإحساسه وشعوره عن طريق لغة تجمع بين القوة والبساطة، لكنها ممتلئة بالمعاني والدلالات .. دون اللجوء إلى تفجيرها فوق طاقتها لتتناسب مع الحالة النفسية للذات والنفس ،فلغة القصيدة تهمس وتشير دون اللجوء إلى الصراخ والإفصاح ،ومع ذلك تجسد صراعا بين التمرد والرغبة في التغيير والتجريب والبحث عن الجديد على مستوى الفكرة المرتبطة بالحياة تارة وبالنفس الشاعرة المبدعة تارة أخرى ..
أتمنى أخي المبدع المتألق سي عبد الله أن تكون قراءتي في مستوى هذه القصيدة الجميلة التي جاءت مولدة فعلا من سحر الحروف .. محبتي وتقديري / الفرحان بوعزة ..
آخر تعديل الفرحان بوعزة يوم 01-19-2015 في 12:03 AM.
عنووان يليق لهذه الكلمات المندفعة من مشاعر جميلة .. فبين مداعبة الحروف و سحرها جاءت هذه المعاني البديعة و رُسمت هذه الصور الباذخة .. يواكب الحروف إيقاع رقيق و راق فمن سيقاوم هذه الرحلة البديعة مع أناقة حرفك الألماسي .. تقديري لك و لقلمك الوارف مع الياسمين الدمشقي
شكرا لك سيدتي سفانة لعبق كلماتك و فوح ياسمين دمشق الرائعة حفظها الله و حفظكم جميعا من كل الآفات..
شرف كبير أن تنال قصيدتي كل هذا الجمال من بهائك.
ليس من السهل مداعبة الحروف وخاصة سحرها وجمالها ،فالحروف من صفاتها الهروب والتباعد والتمنع ، فليس للحروف قيمة جمالية وسحر متميز إلا إذا كانت متناسقة ومنسجمة فيما بينها ،والمبدع الحاذق والماهر هو الذي يراودها حتى تكون طيعة وراضية عن أفكاره ، حروف الشاعر تشكل روضة جميلة يجد فيها نفسه وذاته ،في اعتزاز يختار أزهار حروفه المثمرة والعطرة التي تفوح من المعاني أحسنها وأجملها / وَ أَزْهُو بِرَوْضَتِهَا فِي اعْتِزَازٍ/
استعمل الشاعر " لعل" التي تفيد الترجي كأنه يريد أن يتطهر من أحزانه وهمومه عسى أن يفرغ ذاته ونفسه وفكره من كل ما يشوش على انتقاء حروفه وكلماته لتكون تحت سلطة أفكاره .. وهي مقومات قد تضمن جودة الإبداع الأصيل ..
يعتبر الشاعر جنون القوافي مصدر إلهامه وإبداعه ، جنون لا يلغي العقل والوعي ، إنه جنون إيجابي يخلخل أفكاره ويعمل على تصفيتها من تلك المنغصات التي قد تلبس إبداعه بحروف باهتة لا سحر ولا جمال فيها ..
للشاعر رؤية جديدة خرق بها ما هو مألوف / لعل الجنون يعافي ،/ فشفاء الشاعر يوجد في قول شعر رصين وهادف يمس ذاته ونفسه ، شعر مولد من أحاسيس صادقة ونابعة من أعماق الذات وتجاويف الذاكرة ، فقد يعمل الجنون على تحويل معاناة الشاعر إلى إلهام وإبداع ،كما اعتبر جنون القوافي حامياً له من التردي والهلاك ، ومنتشلا له من العزلة والتهميش ، واجترار ذكريات تآكلت مع الزمن بفعل رتابتها واختراقها بظروف قاسية ..
إن الشاعر يحس أن حياته بدت بدون جدوى ، مادام يسير بدون اتجاه معين ،وهدف منشود / بلا بوصلات ولا قارب / .. مما فرض على الشاعر أن يذوق هجير المدينة ، ويعاني من ليل يحجب عنه الطريق ،ومع ذلك فالشاعر قوي وله جرأة كبيرة في ركوب هول دروب الجمال والسحر رغم انطفاء وهج القول الشعري ،فهو قادر على معانقة أعلى الشعر وأحسنه وإن تخلى الأصدقاء عن مساندته .../ إذا ما الرفاق تخلوا / عن السنديان الذي يرتقي في الفيافي /
أعجبت بهذه القصيدة الجميلة التي أفرغ الشاعر ذاته وإحساسه وشعوره عن طريق لغة تجمع بين القوة والبساطة، لكنها ممتلئة بالمعاني والدلالات .. دون اللجوء إلى تفجيرها فوق طاقتها لتتناسب مع الحالة النفسية للذات والنفس ،فلغة القصيدة تهمس وتشير دون اللجوء إلى الصراخ والإفصاح ،ومع ذلك تجسد صراعا بين التمرد والرغبة في التغيير والتجريب والبحث عن الجديد على مستوى الفكرة المرتبطة بالحياة تارة وبالنفس الشاعرة المبدعة تارة أخرى ..
أتمنى أخي المبدع المتألق سي عبد الله أن تكون قراءتي في مستوى هذه القصيدة الجميلة التي جاءت مولدة فعلا من سحر الحروف .. محبتي وتقديري / الفرحان بوعزة ..
بداية أخي الكريم السي بوعزة الفرحان عذرا على هذا التأخير في الرد على مداخلتك القيمة، و الأسباب خاصة و ذاتية من المشاغل إلى المرض إلى قلة الوقت ، فرجاء تقبل عذري.
أشكر لك أخي هذا العمق في دراستك البهية عشقا للحرف المكين، و إسهاما معي في مداعبة الحرف بالتوشية الجمالية على هوامشه، فكانت لك هذه البصمة، و كان لك هذا الإيقاع الرحب، و أنت تقلب الحروف بآليات النقد و القراءة الفاحصة، تتعمق فيها فتكشف الذي لا ينكشف، و تجعلني أعيد قراءتها و كأنها إبداع غريب عني.. و هذا هو سر القراءة المتعمقة الفاحصة.
دمت بود ، و لا عدمنا إطلالاتك البهية و بهاء حروفك.